ثم أوضح الأمر و خبر أنه لا يضل الا بعد إقامة الحجة، فقال وَ مٰا كٰانَ اللّٰهُ لِيُضِلَّ قَوْماً بَعْدَ إِذْ هَدٰاهُمْ حَتّٰى يُبَيِّنَ لَهُمْ مٰا يَتَّقُونَ[2] فأخبر أنه لا يضل أحدا حتى يقيم الحجة عليه، فإذا ضل عن الحق بعد البيان و الهدى و الدلالة أضله اللّٰه حينئذ، بأن أهلكه و عاقبه.
و أما الإضلال الذي ننفيه عن ربنا تعالى فهو ما أضافه اللّٰه الى غيره فقال وَ أَضَلَّهُمُ السّٰامِرِيُّ[3] يقول: أضلهم بأن دعاهم الى عبادة العجل.
و قال وَ أَضَلَّ فِرْعَوْنُ قَوْمَهُ وَ مٰا هَدىٰ[4] يريد أضلهم بأن قال أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلىٰ و أمرهم بالكفر و دعا اليه، و اللّٰه لا يأمر بعبادة غيره و لا يفسد عباده.
و قال فَوَكَزَهُ مُوسىٰ فَقَضىٰ عَلَيْهِ قٰالَ هٰذٰا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطٰانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُضِلٌّ مُبِينٌ[5].
و قال وَ لَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلًّا كَثِيراً أَ فَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ[6] يريد أنه أفسد و غر و خدع، و اللّٰه لا يغر [7] العباد و لا يظهر في الأرض الفساد.
و قال يخبر عن أهل النار: انهم يقولون مٰا أَضَلَّنٰا إِلَّا الْمُجْرِمُونَ[8] يريد ما أفسدنا و لا غيرنا و لا بين الكفر و المعاصي إلا المجرمون، و لم يقولوا ما أضلنا