نام کتاب : رسائل الشريف المرتضى نویسنده : السيد الشريف المرتضي جلد : 1 صفحه : 404
فأما القرآن نفسه فدال على ذلك، و هو قوله تعالى وَ قٰالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ لٰا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وٰاحِدَةً[1] و لو كان أنزل جملة واحدة لقيل في جوابهم قد أنزل على ما اقترحتم، و لا يكون الجواب كذلك لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤٰادَكَ وَ رَتَّلْنٰاهُ تَرْتِيلًا[2].
و فسر المفسرون كلهم ذلك بأن قالوا: المعنى إنا أنزلناه كذلك أي متفرقا يتمهل [3] على إسماعه، و يتدرج الى تلقيه.
و الترتيل أيضا انما هو ورود الشيء في أثر الشيء، و صرف ذلك الى العلم به غير صحيح، لان الظاهر خلافه.
و لم يقل القوم لو لا أعلمنا بنزوله جملة واحدة، بل قالوا: لو لا أنزل إليك جملة واحدة، و جوابهم إذا كان أنزل كذلك أن يقال: قد كان الذي طلبتموه، و لا يحتج لانزاله متفرقا بما ورد بنزوله في تمام الآية.
فأما قوله تعالى شَهْرُ رَمَضٰانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ[4]فإنما يدل على أن جنس القرآن نزل في هذا الشهر، و لا يدل على نزول الجميع فيه.
ألا ترى أن القائل يقول: كنت أقرأ اليوم القرآن، و سمعت فلانا يقرأ القرآن، فلا يريد جميع القرآن على العموم، و انما يريد الجنس.
و نظائره في اللغة لا تحصى، ألا ترى أن العرب يقول: هذه أيام أكل فيها اللحم، و هذه أيام أكل فيها الثريد. و هو لا يعني جميع اللحم و أكل الثريد على العموم، بل يريد الجنس و النوع.