نام کتاب : رسائل الشريف المرتضى نویسنده : السيد الشريف المرتضي جلد : 1 صفحه : 114
المعارف، فأقر قوم، و أنكر قوم كان عاقلا كاملا مكلفا. لانه لو كان بغير هذه الصفة لم يحسن خطابه، و لا جاز أن يقر، و لا أن ينكر.
و لو كان عاقلا كاملا لوجب أن يذكر الناس ما جرى في تلك الحال من الخطاب و الإقرار و الإنكار، لان من المحال أن ينسي جميع الخلق ذلك، حتى لا يذكروا و لا يذكره بعضهم.
هذا ما جرت العادات به، و لو لا صحة هذا الأصل لجوز العاقل منا أن يكون أقام في بلد من البلدان متصرفا، و هو كامل عاقل ثم نسي ذلك كله، مع تطاول العهد، حتى لا يذكر من أحواله تلك شيئا.
و انما لم نذكر ما جرى منا و انا في حال الطفولية، لفقد كمال العقل في تلك الحال به [1] من تخلل أحوال عدم و موت من تلك الحال و أحوالنا هذه و يجعلونه سببا في عدم الذكر غير صحيح، لان اعتراض العدم أو الموت بين الأحوال لا يوجب النسيان بجميع ما جرى مع كمال العقل.
ألا ترى أن اعتراض السكر و الجنون و الأمراض المزيلة للمعلوم بين الأحوال، لا يوجب النسيان للعقلاء بما جرى بينهم.
فهذه الاخبار: اما أن تكون باطلة مصنوعة، أو يكون تأويلها- ان كانت صحيحة- ما ذكرناه في مواضع كثيرة من تأويل قوله «وَ إِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَ أَشْهَدَهُمْ عَلىٰ أَنْفُسِهِمْ أَ لَسْتُ بِرَبِّكُمْ»[2].
و هو أن اللّٰه تعالى لما خلق الخلق و ركّبهم تركيبا و أراهم الآيات و الدلائل و العبر في أنفسهم و في غيرهم، يدل الناظر فيها المتأمّل لها على معرفة اللّٰه و إلهيته و وحدانيته و وجوب عبادته و طاعته، جاز أن يجعل تسخيرها له و حصولها