- فِي نِفَاقِنَا أَبَداً. فَقَامَ النَّبِيُ[1] عَلَى قَدَمَيْهِ، وَ رَفَعَ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ، وَ نَادَى:
اللَّهُمَّ إِنْ كَانُوا صَادِقِينَ فَتُبْ عَلَيْهِمْ، وَ إِلَّا فَأَرِنِي فِيهِمْ آيَةً لَا تَكُونُ مَسْخاً وَ لَا قِرْداً. لِأَنَّهُ رَحِيمٌ بِأُمَّتِهِ.
قَالَ: فَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ الْيَوْمُ إِلَّا بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ، كَمَا قَالَ اللَّهُ (عَزَّ وَ جَلَّ): يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَ تَسْوَدُّ وُجُوهٌ[2] فَأَمَّا مَنْ آمَنَ بِالنَّبِيِّ فَصَارَ وَجْهُهُ كَالشَّمْسِ عِنْدَ ضِيَائِهَا[3]، وَ كَالْقَمَرِ فِي نُورِهِ.
وَ أَمَّا مَنْ كَفَرَ مِنَ الْمُنَافِقِينَ، وَ انْقَلَبَ إِلَى النِّفَاقِ وَ الشِّقَاقِ، فَصَارَ وَجْهُهُ كَاللَّيْلِ فِي ظَلَامِهِ.
وَ آمَنَ بِالنَّبِيِّ مِائَةُ رَجُلٍ، وَ انْقَلَبَ إِلَى الشِّقَاقِ وَ النِّفَاقِ اثْنَانِ وَ سَبْعُونَ رَجُلًا، فَاسْتَبْشَرَ النَّبِيُّ بِإِيمَانِ مَنْ آمَنَ، وَ قَالَ: لَقَدْ هَدَى اللَّهُ هَؤُلَاءِ بِبَرَكَةِ عَلِيٍّ وَ فَاطِمَةَ.
وَ خَرَجَ الْمُؤْمِنُونَ مُتَعَجِّبُونَ مِنْ بَرَكَةِ الصَّحْفَةِ وَ مَنْ أَكَلَ مِنْهَا مِنَ النَّاسِ.
فَأَنْشَدَ ابْنُ رَوَاحَةَ شِعْراً:
نَبِيُّكُمْ خَيْرُ النَّبِيِّينَ كُلِّهِمْ
كَمِثْلِ سُلَيْمَانَ يُكَلِّمُهُ النَّمْلُ[4]
فَقَالَ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): أَسْمَعْتَ خَيْراً يَا ابْنَ رَوَاحَةَ، إِنَّ سُلَيْمَانَ نَبِيٌّ، وَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ وَ لَا فَخْرَ، كَلَّمَتْهُ النَّمْلَةُ، وَ سَبَّحَتْ فِي يَدَيَّ صِغَارُ الْحَصَى، فَنَبِيُّكُمْ خَيْرُ النَّبِيِّينَ كُلِّهِمْ وَ لَا فَخْرَ، فَكُلُّهُمْ إِخْوَانِي.
فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْمُنَافِقِينَ: يَا مُحَمَّدُ، وَ عَلِمْتَ أَنَّ الْحَصَى سَبَّحَ فِي كَفِّكَ، قَالَ: إِي، وَ الَّذِي بَعَثَنِي بِالْحَقِّ نَبِيّاً.
فَسَمِعَهُ رَجُلٌ مِنَ الْيَهُودِ، فَقَالَ: وَ الَّذِي كَلَّمَ مُوسَى بْنَ عِمْرَانَ عَلَى الطُّورِ، مَا سَبَّحَ فِي كَفِّكَ الْحَصَى.
[1] في« ع، م» زيادة: قائما.
[2] آل عمران 3: 106.
[3] في« ط»: كالشّمس في إشراقها.
[4]( نبيّكم خير ... النّمل) ليس في« ع، م».