و في الحديث المقبول
أنّه (صلّى اللّه عليه و آله و سلّم) أوحي إليه و هو على ناقته فبركت و وضعت جرانها[2].
و روي أنّه كان ينزل
عليه الوحي في اليوم الشديد البرد، فيفصم عنه و إنّ جبينه ليتفصّد عرقا[3].
و كثرت مشاهداتهم لمثل
هذا حتّى قال سفهاء المشركين أنّه ينتابه تابع من الجنّ! فبلغ قولهم هذا طبيبا
شهيرا عندهم يسمّى: ضماد بن ثعلبة، فقال: لو رأيت هذا الرجل لعلّ اللّه يشفيه على
يدي! فلقيه، فقال: يا محمّد، إني أرقي من هذه الريح، فهل لك؟
فقال النبيّ (صلّى اللّه
عليه و آله و سلّم): «الحمد للّه، نحمده و نستعينه، من يهده اللّه فلا مضلّ له، و
من يضلل فلا هادي له، و أشهد أن لا إله إلا اللّه وحده لا شريك له، و أنّ محمّدا
عبده و رسوله: أمّا بعد» ثمّ كلّمه عن الوحي و النبوّة، فقال ضماد: أعد عليّ
كلماتك هؤلاء، فأعادهنّ عليه، فقال: أعدها عليّ، فأعادهنّ ثالثة، فقال ضماد: و
اللّه لقد سمعت قول الكهنة، و سمعت قول السحرة، و سمعت قول الشعراء، فما سمعت مثل
هذه الكلمات، و اللّه لقد بلغت قاعوس[4] البحر، فمد
يدك أبايعك على الإسلام[5].
2- المعجزة:
لا بدّ للنبيّ أن يقيم
شاهدا على صدق دعواه، و أمانته في تبليغه، و لا بدّ أن يكون هذا الشاهد ممّا يعجز
غيره عن الإتيان بمثله، أي أنّه لا بدّ أن يكون أمرا خارقا للعادة و لقوانين
الطبيعة المألوفة، و هذا هو المعجز.
و المعجز بهذا المعنى لا
يتحقّق لأحد إلّا بتقدير اللّه (تعالى) و عنايته، و المتتبّع لحياة الأنبياء يجدها
مليئة بهذه الشواهد، فقد اقترنت العصا بموسى (عليه السلام)، و اقترن إحياء