لِلْقَوْمِ وَ لَا كُرَاعَ[1] وَ لَا حِصْنَ يَلْجَئُونَ إِلَيْهِ، وَ هُمْ غُرَبَاءُ مُحْتَوَوْنَ، فَإِنْ أَتَى جَيْشٌ لَهُمْ نَهَضْتُمْ إِلَى هَؤُلَاءِ أَوَّلًا[2]، وَ كَانُوا كَشَرْبَةِ الظَّمْآنِ.
فَلَا يَزَالُونَ فِي هَذَا الْكَلَامِ وَ نَحْوِهِ حَتَّى يَحْجُزَ اللَّيْلُ بَيْنَ النَّاسِ، ثُمَّ يَضْرِبُ اللَّهُ عَلَى آذَانِهِمْ وَ عُيُونِهِمْ بِالنَّوْمِ، فَلَا يَجْتَمِعُونَ بَعْدَ فِرَاقِهِمْ إِلَى أَنْ يَقُومَ الْقَائِمُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، وَ إِنَّ أَصْحَابَ الْقَائِمِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) يَلْقَى بَعْضُهُمْ بَعْضاً كَأَنَّهُمْ بَنُو أَبٍ وَ أُمٍّ، وَ إِنْ افْتَرَقُوا عِشَاءً الْتَقَوْا غُدْوَةً، وَ ذَلِكَ تَأْوِيلُ هَذِهِ الْآيَةِ: فَاسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ أَيْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعاً[3].
قَالَ أَبُو بَصِيرٍ: قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، لَيْسَ عَلَى الْأَرْضِ يَوْمَئِذٍ مُؤْمِنٌ غَيْرُهُمْ؟
قَالَ: بَلَى، وَ لَكِنْ هَذِهِ [الْعِدَّةُ][4] الَّتِي يُخْرِجُ اللَّهُ فِيهَا الْقَائِمَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، هُمُ النُّجَبَاءُ وَ الْقُضَاةُ وَ الْحُكَّامُ وَ الْفُقَهَاءُ فِي الدِّينِ، يَمْسَحُ بُطُونَهُمْ وَ ظُهُورَهُمْ فَلَا يَشْتَبِهُ عَلَيْهِمْ حُكْمٌ[5].
527/ 131- قَالَ: أَبُو حَسَّانَ سَعِيدُ بْنُ جَنَاحٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَرْوَانَ الْكَرْخِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دَاوُدَ الْكُوفِيُّ، عَنْ سَمَاعَةَ بْنِ مِهْرَانَ، قَالَ: سَأَلَ أَبُو بَصِيرٍ الصَّادِقَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) عَنْ عِدَّةِ أَصْحَابِ الْقَائِمِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) فَأَخْبَرَهُ بِعِدَّتِهِمْ وَ مَوَاضِعِهِمْ، فَلَمَّا كَانَ الْعَامُ الْقَابِلُ قَالَ: عُدْتُ إِلَيْهِ فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ، فَقُلْتُ: مَا قِصَّةُ الْمُرَابِطِ السَّائِحِ؟
قَالَ: هُوَ رَجُلٌ مِنْ أَصْبَهَانَ، مِنْ أَبْنَاءِ دَهَاقِينِهَا[6]، لَهُ عَمُودٌ فِيهِ سَبْعُونَ مَنّاً لَا يُقِلُّهُ غَيْرُهُ، يَخْرُجُ مِنْ بَلَدِهِ سَيَّاحاً فِي الْأَرْضِ وَ طَلَبَ الْحَقِّ، فَلَا يَخْلُو بِمُخَالِفٍ إِلَّا أَرَاحَ مِنْهُ، ثُمَّ إِنَّهُ يَنْتَهِي إِلَى طَارَبَنْدَ، وَ هُمُ الْحَاكِمُ بَيْنَ أَهْلِ الْإِسْلَامِ وَ التُّرْكِ، فَيُصِيبُ بِهَا رَجُلًا
[1] الكراع: اسم لجماعة الخيل خاصّة، و قيل: الخيل و البغال و الحمير، أيّ ليس لهم دوابّ يفرّون عليها.
[2] في« ط»: و هؤلاء.
[3] البقرة 2: 148.
[4] من الملاحم.
[5] الملاحم و الفتن: 202، المحجّة للبحراني: 28.
[6] الدّهقان: رئيس القرية أو الإقليم، و التّاجر، و القويّ على التّصرّف مع شدّة و خبرة.