مُخْلِصٌ غَيْرُ مُحَمَّدِ بْنِ الْقَاسِمِ الْعَلَوِيِّ، فَبَيْنَا نَحْنُ كَذَلِكَ فِي الْيَوْمِ السَّادِسِ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ إِذْ خَرَجَ عَلَيْنَا شَابٌّ مِنَ الطَّوَافِ، عَلَيْهِ إِزَارٌ رَاجِحٌ مُحْرِمٌ[1] فِيهِ، وَ فِي يَدِهِ نَعْلَانِ، فَلَمَّا رَأَيْنَاهُ قُمْنَا هَيْبَةً لَهُ، فَلَمْ يَبْقَ مِنَّا أَحَدٌ إِلَّا قَامَ وَ سَلَّمَ عَلَيْهِ، وَ جَلَسَ مُنْبَسِطاً وَ نَحْنُ حَوْلَهُ، ثُمَّ الْتَفَتَ يَمِيناً وَ شِمَالًا، فَقَالَ: أَ تَدْرُونَ مَا كَانَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) يَقُولُ فِي دُعَاءِ الْإِلْحَاحِ؟
فَقُلْنَا: وَ مَا كَانَ يَقُولُ؟
قَالَ: كَانَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) يَقُولُ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ الَّذِي تَقُومُ بِهِ السَّمَاءُ، وَ بِهِ تَقُومُ الْأَرْضُ، وَ بِهِ تُفَرِّقُ بَيْنَ الْحَقِّ وَ الْبَاطِلِ، وَ بِهِ تَجْمَعُ بَيْنَ الْمُتَفَرِّقِ، وَ بِهِ تُفَرِّقُ بَيْنَ الْمُجْتَمِعِ، وَ قَدْ أَحْصَيْتَ بِهِ عَدَدَ الرِّمَالِ وَ زِنَةَ الْجِبَالِ وَ كَيْلَ الْبِحَارِ، أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ، وَ أَنْ تَجْعَلَ لِي مِنْ أَمْرِي فَرَجاً» ثُمَّ نَهَضَ وَ دَخَلَ الطَّوَافَ، فَقُمْنَا لِقِيَامِهِ حَتَّى انْصَرَفَ، وَ أُنْسِينَا[2] أَنْ نَذْكُرَ أَمْرَهُ، وَ أَنْ نَقُولَ مَنْ هُوَ، وَ أَيُّ شَيْءٍ هُوَ؟ فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ خَرَجَ عَلَيْنَا مِنَ الطَّوَافِ، فَقُمْنَا لَهُ كَقِيَامِنَا بِالْأَمْسِ، وَ جَلَسَ فِي مَجْلِسِهِ مُنْبَسِطاً، وَ نَظَرَ يَمِيناً وَ شِمَالًا، وَ قَالَ: أَ تَدْرُونَ مَا كَانَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) يَقُولُ فِي الدُّعَاءِ بَعْدَ صَلَاةِ الْفَرِيضَةِ؟
قُلْنَا: وَ مَا كَانَ يَقُولُ؟
قَالَ: كَانَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) يَقُولُ: «إِلَيْكَ رُفِعَتِ الْأَصْوَاتُ، وَ لَكَ عَنَتِ الْوُجُوهُ، وَ لَكَ خَضَعَتِ الرِّقَابُ، وَ إِلَيْكَ التَّحَاكُمُ فِي الْأَعْمَالِ، يَا خَيْرَ مَنْ سُئِلَ، وَ خَيْرَ مَنْ أَعْطَى، يَا صَادِقُ، يَا بَارِئُ، يَا مَنْ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ، يَا مَنْ أَمَرَ بِالدُّعَاءِ وَ وَعَدَ الْإِجَابَةَ، يَا مَنْ قَالَ:
ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ[3]، يَا مَنْ قَالَ: إِذا سَأَلَكَ عِبادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذا دَعانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَ لْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ[4]، وَ يَا
[1] في« ع»: و اصبح محرما.
[2] في« ط» و نسينا.
[3] غافر 40: 60.
[4] البقرة 2: 186.