قَالَ: مَا هُوَ مَحْجُوبٌ عَنْكُمْ وَ لَكِنْ حَجَبَهُ[1] سُوءُ أَعْمَالِكُمْ، قُمْ[2] إِلَى رَحْلِكَ، وَ كُنْ عَلَى أُهْبَةٍ مِنْ لِقَائِهِ، إِذَا انْحَطَّتِ الْجَوْزَاءُ، وَ أَزْهَرَتْ نُجُومُ السَّمَاءِ، فَهَا أَنَا لَكَ بَيْنَ الرُّكْنِ وَ الصَّفَا.
فَطَابَتْ نَفْسِي وَ تَيَقَّنْتُ أَنَّ اللَّهَ فَضَّلَنِي، فَمَا زِلْتُ أَرْقُبُ الْوَقْتَ حَتَّى حَانَ، وَ خَرَجْتُ إِلَى مَطِيَّتِي، وَ اسْتَوَيْتُ عَلَى رَحْلِي، وَ اسْتَوَيْتُ عَلَى ظَهْرِهَا، فَإِذَا أَنَا بِصَاحِبِي يُنَادِي إِلَيَّ: يَا أَبَا الْحَسَنِ. فَخَرَجْتُ فَلَحِقْتُ بِهِ، فَحَيَّانِي بِالسَّلَامِ، وَ قَالَ: سِرْ بِنَا يَا أَخِ.
فَمَا زَالَ يَهْبِطُ وَادِياً وَ يَرْقَى ذِرْوَةَ جَبَلٍ إِلَى أَنْ عَلِقْنَا عَلَى الطَّائِفِ، فَقَالَ: يَا أَبَا الْحَسَنِ انْزِلْ بِنَا نُصَلِّي بَاقِيَ صَلَاةِ اللَّيْلِ. فَنَزَلْتُ فَصَلَّى بِنَا الْفَجْرَ رَكْعَتَيْنِ، قُلْتُ: فَالرَّكْعَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ؟ قَالَ: هُمَا مِنْ صَلَاةِ اللَّيْلِ، وَ أَوْتَرَ فِيهِمَا، وَ الْقُنُوتُ فِي كُلِّ صَلَاةِ جَائِزٌ.
وَ قَالَ: سِرْ بِنَا يَا أَخِ. فَلَمْ يَزَلْ يَهْبِطُ بِي وَادِياً وَ يَرْقَى بِي ذِرْوَةَ جَبَلٍ حَتَّى أَشْرَفْنَا عَلَى وَادٍ عَظِيمٍ مِثْلِ الْكَافُورِ، فَأَمُدُّ عَيْنِي فَإِذَا بِبَيْتٍ مِنَ الشَّعْرِ يَتَوَقَّدُ نُوراً، قَالَ: الْمَحْ هَلْ تَرَى شَيْئاً؟
قُلْتُ: أَرَى بَيْتاً مِنَ الشَّعْرِ.
فَقَالَ: الْأَمَلُ. وَ انْحَطَّ فِي الْوَادِي وَ اتَّبَعْتُ الْأَثَرَ حَتَّى إِذَا صِرْنَا بِوَسَطِ الْوَادِي نَزَلَ عَنْ رَاحِلَتِهِ وَ خَلَّاهَا، وَ نَزَلْتُ عَنْ مَطِيَّتِي، وَ قَالَ لِي: دَعْهَا.
قُلْتُ: فَإِنْ تَاهَتْ؟
قَالَ: هَذَا وَادٍ لَا يَدْخُلُهُ إِلَّا مُؤْمِنٌ وَ لَا يَخْرُجُ مِنْهُ إِلَّا مُؤْمِنٌ. ثُمَّ سَبَقَنِي وَ دَخَلَ الْخِبَاءَ وَ خَرَجَ إِلَيَّ مُسْرِعاً، وَ قَالَ: أَبْشِرْ، فَقَدْ أَذِنَ لَكَ بِالدُّخُولِ. فَدَخَلْتُ فَإِذَا الْبَيْتُ يَسْطَعُ مِنْ جَانِبِهِ النُّورُ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ بِالْإِمَامَةِ، فَقَالَ لِي: يَا أَبَا الْحَسَنِ، قَدْ كُنَّا نَتَوَقَّعُكَ لَيْلًا وَ نَهَاراً، فَمَا الَّذِي أَبْطَأَ بِكَ عَلَيْنَا؟
قُلْتُ: يَا سَيِّدِي، لَمْ أَجِدْ مَنْ يَدُلُّنِي إِلَى الْآنَ.
[1] في« ط»: جنّه، و كلاهما بمعنى.
[2] في« م، ط» زيادة: سر.