فَقَالَ: لَيْسَ يَخْفَى عَلَيْكُمْ إِنْ شَاءَ اللَّهُ (تَعَالَى)، ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ الْقَاسِمِ فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، أَنْتَ عَلَى خَيْرٍ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، أَ تَدْرُونَ مَا كَانَ يَقُولُ زَيْنُ الْعَابِدِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) عِنْدَ فَرَاغِهِ مِنْ صَلَاتِهِ فِي سَجْدَةِ الشُّكْرِ؟ قُلْنَا: لَا.
قَالَ: كَانَ يَقُولُ «يَا كَرِيمُ مِسْكِينُكَ بِفِنَائِكَ، يَا كَرِيمُ فَقِيرُكَ زَائِرُكَ، حَقِيرُكَ بِبَابِكَ يَا كَرِيمُ» ثُمَّ انْصَرَفَ عَنَّا، وَ وَقَفْنَا نَمُوجُ وَ نَتَذَكَّرُ، وَ نَتَفَكَّرُ، وَ لَمْ نَتَحَقَّقْ.
وَ لَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ رَأَيْنَاهُ فِي الطَّوَافِ، فَامْتَدَّتْ عُيُونُنَا إِلَيْهِ، فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ طَوَافِهِ خَرَجَ إِلَيْنَا، وَ جَلَسَ عِنْدَنَا، فَأَنِسَ وَ تَحَدَّثَ، ثُمَّ قَالَ: أَ تَدْرُونَ مَا كَانَ يَقُولُ زَيْنُ الْعَابِدِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) فِي دُعَائِهِ عَقِبَ الصَّلَاةِ: قُلْنَا: تُعَلِّمُنَا.
قَالَ: كَانَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) يَقُولُ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ الَّذِي بِهِ تَقُومُ السَّمَاءُ وَ الْأَرْضُ، وَ بِاسْمِكَ الَّذِي بِهِ تَجْمَعُ الْمُتَفَرِّقَ، وَ تُفَرِّقُ الْمُجْتَمِعَ، وَ بِاسْمِكَ الَّذِي تَفْرُقُ بِهِ بَيْنَ الْحَقِّ وَ الْبَاطِلِ، وَ بِاسْمِكَ الَّذِي تَعْلَمُ بِهِ كَيْلَ الْبِحَارِ، وَ عَدَدَ الرِّمَالِ، وَ وَزْنَ الْجِبَالِ، أَنْ تَفْعَلَ بِي كَذَا وَ كَذَا».
وَ أَقْبَلَ عَلَيَّ حَتَّى إِذَا صِرْنَا بِعَرَفَاتٍ، وَ أَدَمْتُ الدُّعَاءَ، فَلَمَّا أَفَضْنَا مِنْهَا إِلَى الْمُزْدَلِفَةِ، وَ بِتْنَا فِيهَا[1]، رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) فَقَالَ لِي: هَلْ بَلَغْتَ حَاجَتَكَ؟
فَقُلْتُ: وَ مَا هِيَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟
فَقَالَ: الرَّجُلُ صَاحِبُكَ. فَتَيَقَّنْتُ عِنْدَهَا[2].
522/ 126- وَ رَوَى أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ سَهْلٍ الْجَلُودِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْخَيْرِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ الطَّائِيُّ الْكُوفِيُّ فِي مَسْجِدِ أَبِي إِبْرَاهِيمَ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ يَحْيَى الْحَارِثِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مَهْزِيَارَ الْأَهْوَازِيُّ، قَالَ: خَرَجْتُ فِي بَعْضِ السِّنِينَ حَاجّاً إِذْ دَخَلْتُ الْمَدِينَةَ وَ أَقَمْتُ بِهَا أَيَّاماً، أَسْأَلُ وَ أَسْتَبْحِثُ عَنْ صَاحِبِ الزَّمَانِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فَمَا عَرَفْتُ لَهُ خَبَراً، وَ لَا وَقَعَتْ لِي عَلَيْهِ عَيْنٌ، فَاغْتَمَمْتُ غَمّاً شَدِيداً وَ خَشِيتُ أَنْ يَفُوتَنِي مَا أَمَّلْتُهُ مِنْ طَلَبِ
[1] في« ع، م»: أفضنا و صرنا إلى مزدلفة و بتنا بها.
[2] مدينة المعاجز: 606/ 66، تبصرة الوليّ: 140/ 45.