وَ أَمَرَ أَنْ يُسَلِّمَ جَمِيعَ ذَلِكَ إِلَى أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ جَعْفَرٍ الْقَطَّانِ الْقُمِّيِّ، فَلَبِسَ أَبُو جَعْفَرٍ الْعَمْرِيُّ ثِيَابَهُ، وَ قَالَ لِي: احْمِلْ مَا مَعَكَ إِلَى مَنْزِلِ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ جَعْفَرٍ الْقَطَّانِ الْقُمِّيِّ.
قَالَ: فَحَمَلْتُ الْمَالَ وَ الثِّيَابَ إِلَى مَنْزِلِ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ جَعْفَرٍ الْقَطَّانِ، وَ سَلَّمْتُهَا، وَ خَرَجْتُ إِلَى الْحَجِّ.
فَلَمَّا انْصَرَفْتُ إِلَى الدِّينَوَرِ اجْتَمَعَ عِنْدِي النَّاسُ، فَأَخْرَجْتُ الدَّرْجَ الَّذِي أَخْرَجَهُ وَكِيلٌ مَوْلَانَا (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ) إِلَيَّ، وَ قَرَأْتُهُ عَلَى الْقَوْمِ، فَلَمَّا سَمِعَ ذِكْرَ الصُّرَّةِ بِاسْمِ الذَّرَّاعِ سَقَطَ مَغْشِيّاً عَلَيْهِ، فَمَا زِلْنَا نُعَلِّلُهُ حَتَّى أَفَاقَ، فَلَمَّا أَفَاقَ سَجَدَ شُكْراً لِلَّهِ (عَزَّ وَ جَلَّ)، وَ قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي مَنَّ عَلَيْنَا بِالْهِدَايَةِ، الْآنَ عَلِمْتُ أَنَّ الْأَرْضَ لَا تَخْلُو مِنْ حُجَّةٍ؛ هَذِهِ الصُّرَّةُ دَفَعَهَا- وَ اللَّهِ- إِلَيَّ هَذَا الذَّرَّاعُ، وَ لَمْ يَقِفْ عَلَى ذَلِكَ إِلَّا اللَّهُ (عَزَّ وَ جَلَّ).
قَالَ: فَخَرَجْتُ وَ لَقِيتُ بَعْدَ ذَلِكَ بِدَهْرٍ أَبَا الْحَسَنِ الْمَادَرَائِيَّ، وَ عَرَّفْتُهُ الْخَبَرَ، وَ قَرَأْتُ عَلَيْهِ الدَّرْجَ، قَالَ: يَا سُبْحَانَ اللَّهِ! مَا شَكَكْتَ فِي شَيْءٍ، فَلَا تَشُكَّنَّ فِي أَنَّ اللَّهَ (عَزَّ وَ جَلَّ) لَا يُخَلِّي أَرْضَهُ مِنْ حُجَّةٍ.
اعْلَمْ أَنَّهُ لَمَّا غَزَا إِذْكَوتَكِينُ يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ[1] اللَّهِ بِسُهْرَوَرْدَ[2]، وَ ظَفِرَ بِبِلَادِهِ، وَ احْتَوَى عَلَى خِزَانَتِهِ صَارَ إِلَيَّ رَجُلٌ، وَ ذَكَرَ أَنَّ يَزِيدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ جَعَلَ الْفَرَسَ الْفُلَانِيَّ وَ السَّيْفَ الْفُلَانِيَّ فِي بَابِ مَوْلَانَا (عَلَيْهِ السَّلَامُ).
قَالَ: فَجَعَلْتُ أَنْقُلُ خَزَائِنَ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ إِلَى إِذْكَوْتَكِينَ أَوَّلًا فَأَوَّلًا، وَ كُنْتُ أُدَافِعُ بِالْفَرَسِ وَ السَّيْفِ، إِلَى أَنْ لَمْ يَبْقَ شَيْءٌ غَيْرُهُمَا، وَ كُنْتُ أَرْجُو أَنْ أُخْلِصَ ذَلِكَ لِمَوْلَانَا (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فَلَمَّا اشْتَدَّ مُطَالَبَةُ إِذْكَوْتَكِينَ إِيَّايَ وَ لَمْ يُمْكِنْنِي مُدَافَعَتُهُ، جَعَلْتُ فِي السَّيْفِ وَ الْفَرَسِ فِي نَفْسِي أَلْفَ دِينَارٍ وَ وَزَنْتُهَا وَ دَفَعْتُهَا إِلَى الْخَازِنِ، وَ قُلْتُ لَهُ: ادْفَعْ[3] هَذِهِ الدَّنَانِيرَ فِي أَوْثَقِ مَكَانٍ، وَ لَا تُخْرِجَنَّ إِلَيَّ فِي حَالٍ مِنَ الْأَحْوَالِ وَ لَوِ اشْتَدَّتْ الْحَاجَةُ
[1] في« ع، م»: عبيد، و كذا في المواضع الآتية.
[2] سهرورد: بلدة قريبة من زنجان بالجبال. معجم البلدان 3: 289.
[3] في« م»: أرفع.