الْعِتْرَةِ، وَ الْيَاءُ: يَزِيدُ (لَعَنَهُ اللَّهُ)؛ وَ هُوَ ظَالِمُ الْحُسَيْنِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، وَ الْعَيْنُ: عَطَشُهُ، وَ الصَّادُ: صَبْرُهُ.
فَلَمَّا سَمِعَ بِذَلِكَ زَكَرِيَّا (عَلَيْهِ السَّلَامُ) لَمْ يُفَارِقْ مَسْجِدَهُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، وَ مَنَعَ فِيهِنَّ النَّاسَ مِنَ الدُّخُولِ عَلَيْهِ، وَ أَقْبَلَ عَلَى الْبُكَاءِ وَ النَّحِيبِ، وَ كَانَتْ نُدْبَتُهُ[1]: «إِلَهِي أَ تُفَجِّعُ خَيْرَ جَمِيعِ خَلْقِكَ بِوَلَدِهِ، إِلَهِي أَ تُنْزِلُ بَلْوَى هَذِهِ الرَّزِيَّةِ بِفِنَائِهِ، إِلَهِي أَ تُلْبِسُ عَلِيّاً وَ فَاطِمَةَ ثِيَابَ هَذِهِ الْمُصِيبَةِ، إِلَهِي أَ تُحِلُّ كُرْبَةَ هَذِهِ الْفَجِيعَةِ بِسَاحَتِهِمَا[2].
ثُمَّ كَانَ يَقُولُ: «إِلَهِي ارْزُقْنِي وَلَداً تُقِرُّ بِهِ عَيْنِي عَلَى الْكِبَرِ، وَ اجْعَلْهُ وَارِثاً رَضِيّاً، يُوَازِي مَحَلُّهُ مِنِّي مَحَلَّ الْحُسَيْنِ، فَإِذَا رَزَقْتَنِيهِ فَافْتِنِّي بِحُبِّهِ، ثُمَّ أَفْجِعْنِي بِهِ، كَمَا تُفَجِّعُ مُحَمَّداً حَبِيبَكَ بِوَلَدِهِ» فَرَزَقَهُ اللَّهُ (تَعَالَى) يَحْيَى (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، وَ فَجَّعَهُ بِهِ، وَ كَانَ حَمَلَ يَحْيَى سِتَّةَ أَشْهُرٍ، وَ حَمَلَ الْحُسَيْنَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) كَذَلِكَ، وَ لَهُ قِصَّةٌ طَوِيلَةٌ.
قُلْتُ: فَأَخْبِرْنِي يَا مَوْلَايَ، عَنِ الْعِلَّةِ الَّتِي تَمْنَعُ الْقَوْمَ مِنِ اخْتِيَارِ إِمَامٍ لِأَنْفُسِهِمْ.
قَالَ: مُصْلِحٍ، أَوْ مُفْسِدٍ؟
قُلْتُ: مُصْلِحٍ.
قَالَ: هَلْ يَجُوزُ أَنْ تَقَعَ خِيَرَتُهُمْ عَلَى الْفَسَادِ بَعْدَ أَنْ لَا يَعْلَمَ أَحَدٌ مَا يَخْطُرُ بِبَالِ غَيْرِهِ مِنْ صَلَاحٍ أَوْ فَسَادٍ؟
قُلْتُ: بَلَى.
قَالَ: فَهِيَ الْعِلَّةُ أُورِدُهَا لَكَ بِبُرْهَانٍ يَنْقَادُ لَهُ[3] عَقْلُكَ:
أَخْبِرْنِي عَنِ الرُّسُلِ الَّذِينَ اصْطَفَاهُمُ اللَّهُ (تَعَالَى)، وَ أَنْزَلَ عَلَيْهِمْ عِلْمَهُ، وَ أَيَّدَهُمْ بِالْوَحْيِ وَ الْعِصْمَةِ، إِذْ هُمْ أَعْلَامُ الْأُمَمِ، وَ أَهْدَى إِلَى الِاخْتِيَارِ مِنْهُمْ، مِثْلَ مُوسَى وَ عِيسَى (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ)، هَلْ يَجُوزُ مَعَ وُفُورِ عَقْلِهِمَا، وَ كَمَالِ عِلْمِهِمَا، إِذَا هُمَا بِالاخْتِيَارِ أَنْ تَقَعَ خِيَرَتُهُمَا عَلَى الْمُنَافِقِ، وَ هُمَا يَظُنَّانِ أَنَّهُ مُؤْمِنٌ؟
قُلْتُ: لَا.
[1] في« ع، م»: أنته.
[2] في« ط»: بساحتها.
[3] في« ط»: ينقاد بذلك.