قُرَّاءَ الْقُرْآنِ، فُقَهَاءَ فِي الدِّينِ، قَدْ قَرَحُوا جِبَاهَهُمْ، وَ شَمَّرُوا ثِيَابَهُمْ، وَ عَمَّهُمْ النِّفَاقُ، وَ كُلُّهُمْ يَقُولُونَ: يَا ابْنَ فَاطِمَةَ، ارْجِعْ لَا حَاجَةَ لَنَا فِيكَ. فَيَضَعُ السَّيْفَ فِيهِمْ عَلَى ظَهْرِ النَّجَفِ عَشِيَّةَ الْإِثْنَيْنِ مِنَ الْعَصْرِ إِلَى الْعِشَاءِ، فَيَقْتُلُهُمْ أَسْرَعَ مِنْ جَزْرِ جَزُورٍ، فَلَا يَفُوتُ مِنْهُمْ رَجُلٌ، وَ لَا يُصَابُ مِنْ أَصْحَابِهِ أَحَدٌ، دِمَاؤُهُمْ قُرْبَانٌ إِلَى اللَّهِ. ثُمَّ يَدْخُلُ الْكُوفَةَ فَيَقْتُلُ مُقَاتِلِيهَا حَتَّى يَرْضَى اللَّهُ (عَزَّ وَ جَلَّ).
قَالَ: فَلَمْ أَعْقِلِ الْمَعْنَى، فَمَكَثْتُ قَلِيلًا، ثُمَّ قُلْتُ وَ مَا يُدْرِيهِ؟- جُعِلْتُ فِدَاكَ- مَتَى يَرْضَى اللَّهُ (عَزَّ وَ جَلَّ).
قَالَ: يَا أَبَا الْجَارُودِ، إِنَّ اللَّهَ أَوْحَى إِلَى أُمِّ مُوسَى، وَ هُوَ خَيْرٌ مِنْ أُمِّ مُوسَى، وَ أَوْحَى اللَّهُ إِلَى النَّحْلِ، وَ هُوَ خَيْرٌ مِنَ النَّحْلِ. فَعَقَلْتُ الْمَذْهَبَ، فَقَالَ لِي: أَ عَقَلْتَ الْمَذْهَبَ؟ قُلْتُ:
نَعَمْ.
فَقَالَ: إِنَّ الْقَائِمَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) لَيَمْلِكُ ثَلَاثَمِائَةٍ وَ تِسْعَ سِنِينَ، كَمَا لَبِثَ أَصْحَابُ الْكَهْفِ فِي كَهْفِهِمْ، يَمْلَأُ الْأَرْضَ عَدْلًا وَ قِسْطاً كَمَا مُلِئَتْ ظُلْماً وَ جَوْراً، وَ يَفْتَحُ اللَّهُ عَلَيْهِ شَرْقَ الْأَرْضِ وَ غَرْبَهَا، يُقْتَلُ النَّاسُ حَتَّى لَا يُرَى إِلَّا دَيْنُ مُحَمَّدٍ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، يَسِيرُ بِسِيرَةِ سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ)، يَدْعُو الشَّمْسَ وَ الْقَمَرَ فَيُجِيبَانِهِ، وَ تُطْوَى لَهُ الْأَرْضُ، فَيُوحِي اللَّهُ إِلَيْهِ، فَيَعْمَلُ بِأَمْرِ اللَّهِ[1].
436/ 40- وَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْحِمْيَرِيِ، قَالَ:
حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِي الْمَغْرَاءِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي يَعْفُورٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: وَيْلٌ لِطُغَاةِ الْعَرَبِ مِنْ أَمْرٍ قَدِ اقْتَرَبَ.
قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، كَمْ مَعَ الْقَائِمِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) مِنَ الْعَرَبِ؟
قَالَ: نَفَرٌ يَسِيرُ.
فَقُلْتُ: وَ اللَّهِ، إِنَّ مَنْ يَصِفُ هَذَا الْأَمْرَ مِنْهُمْ لَكَثِيرٌ!
قَالَ: لَا بُدَّ لِلنَّاسِ مِنْ أَنْ يُمَحَّصُوا، وَ يُمَيَّزُوا، وَ يُغَرْبَلُوا، وَ يَسْتَخْرِجُ الْغِرْبَالُ خَلْقاً.
[1] غيبة الطوسي: 474/ 496« قطعة منه»، تاج المواليد: 153، حلية الأبرار 2: 599.