وَ كَانَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) شَيْخاً بَهِيّاً كَرِيماً، عَتَقَ أَلْفَ مَمْلُوكٍ.
وَ كَانَ يُدْعَى (الْعَبْدَ الصَّالِحَ) مِنْ عِبَادَتِهِ وَ اجْتِهَادِهِ.
وَ قِيلَ: إِنَّهُ دَخَلَ مَسْجِدَ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) فَسَجَدَ سَجْدَةً فِي أَوَّلِ اللَّيْلِ، وَ سَمِعَ وَ هُوَ يَقُولُ فِي سُجُودِهِ: «عَظُمَ الذَّنْبُ مِنْ عَبْدِكَ، فَلْيَحْسُنِ الْعَفْوُ مِنْ عِنْدِكَ، يَا أَهْلَ التَّقْوَى، وَ يَا أَهْلَ الْمَغْفِرَةِ» وَ جَعَلَ يُرَدِّدُهَا حَتَّى أَصْبَحَ.
وَ كَانَ يَبْلُغُهُ عَنْ رَجُلٍ أَنَّهُ يُؤْذِيهِ، فَيَبْعَثُ إِلَيْهِ بِصُرَّةٍ فِيهَا أَلْفُ دِينَارٍ.
وَ كَانَ يَصِرَّ الصُّرَرَ ثَلَاثَمِائَةِ دِينَارٍ وَ أَرْبَعَمِائَةِ دِينَارٍ وَ مِائَتَيْ دِينَارٍ ثُمَّ يَقْسِمُهَا بِالْمَدِينَةِ.
وَ كَانَتْ صُرَّةُ مُوسَى إِذَا جَاءَتِ الْإِنْسَانَ اسْتَغْنَى[1].
وَ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْبَكْرِيُّ: قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ أَطْلُبُ بِهَا دَيْناً، فَأَعْيَانِي، فَقُلْتُ:
لَوْ ذَهَبْتُ إِلَى أَبِي الْحَسَنِ مُوسَى وَ شَكَوْتُ إِلَيْهِ، فَأَتَيْتُهُ بِنِقَمِى[2] فِي ضَيْعَتِهِ، فَخَرَجَ إِلَيَّ وَ مَعَهُ غُلَامٌ[3] مَعَهُ مِنْسَفٌ[4] فِيهِ قَدِيدٌ مُجَزَّعٌ[5]، لَيْسَ مَعَهُ غَيْرُهُ، فَأَكَلَ وَ أَكَلْتُ مَعَهُ، ثُمَّ سَأَلَنِي عَنْ حَاجَتِي، فَذَكَرْتُ لَهُ قِصَّتِي، فَدَخَلَ فَلَمْ يَقِرَّ[6] إِلَّا يَسِيراً حَتَّى خَرَجَ إِلَيَّ فَقَالَ لِغُلَامِهِ: اذْهَبْ. ثُمَّ مَدَّ يَدَهُ إِلَيَّ، فَدَفَعَ صُرَّةً فِيهَا ثَلَاثُمِائَةٍ دِينَارٍ، ثُمَّ قَامَ فَوَلَّى، فَقُمْتُ
[1] تاريخ بغداد 13: 27، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 6: 191، وفيات الاعيان 5: 308، سير أعلام النبلاء 6: 271، الأئمّة الاثنا عشر: 89.
[2] في النّسخ: بنعمى، تصحيف، و نقمى: موضع من أعراض المدينة كان لآل أبي طالب، معجم البلدان 5:
300.
[3] في« ع»: غلامه.
[4] المنسف: ما ينسف به الطّعام، أيّ يفرّق« مجمع البحرين- نسف- 5: 123».
[5] القديد: اللّحم المملوح المجفف في الشّمس« لسان العرب- قدد- 3: 344».
مجزع: أيّ مقطع« لسان العرب- جزع- 8: 48».
[6] في« ط»: يقم.