لَأُصْلِيَنَّ مَنْ عَادَاكَ نَارِي وَ أَشَدَّ عَذَابِي، وَ إِنْ أَوْسَعْتُ عَلَيْهِ فِي دُنْيَاهُ.
فَإِذَا انْقَطَعَ الْمُنَادِي أَجَابَهُ الْإِمَامُ: شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ وَ الْمَلائِكَةُ وَ أُولُوا الْعِلْمِ قائِماً بِالْقِسْطِ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ[1]. فَإِذَا قَالَهَا أَعْطَاهُ اللَّهُ عِلْمَ الْأَوَّلِينَ وَ عِلْمَ الْآخِرِينَ، وَ اسْتَوْجَبَ الزِّيَادَةَ مِنَ الْجَلِيلِ لَيْلَةَ الْقَدْرِ.
فَقُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، أَ لَيْسَ الرُّوحُ هُوَ جَبْرَئِيلَ؟
فَقَالَ: جَبْرَئِيلُ مِنَ الْمَلَائِكَةِ، وَ الرُّوحُ خَلْقٌ أَعْظَمُ مِنْهُ، وَ هُوَ مَعَ الْإِمَامِ حَيْثُ كَانَ[2].
259/ 2- وَ حَدَّثَنَا أَبُو الْمُفَضَّلِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو النَّجْمِ بَدْرُ ابْنُ عَمَّارٍ الطَّبَرِسْتَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، رَفَعَهُ إِلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: إِنَّ حَمِيدَةَ أَخْبَرْتَنِي بِشَيْءٍ ظَنَّتْ أَنِّي لَا أَعْرِفُهُ، وَ كُنْتُ أَعْلَمَ بِهِ مِنْهَا.
قُلْنَا لَهُ: وَ مَا أَخْبَرَتْكَ بِهِ؟
قَالَ: ذَكَرَتْ أَنَّهُ لَمَّا سَقَطَ مِنَ الْأَحْشَاءِ سَقَطَ وَاضِعاً يَدَيْهِ عَلَى الْأَرْضِ، رَافِعاً رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ، فَأَخْبَرْتُهَا أَنَّ ذَلِكَ أَمَارَةُ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) وَ الْوَصِيُّ إِذَا خَرَجَ مِنْ بَطْنِ أُمِّهِ، أَنْ تَقَعَ يَدَاهُ عَلَى الْأَرْضِ، وَ رَأْسُهُ إِلَى السَّمَاءِ، وَ يَقُولُ: شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْآيَةَ، أَعْطَاهُ اللَّهُ الْعِلْمَ الْأَوَّلَ، وَ الْعِلْمَ الْآخِرَ، وَ اسْتَحَقَّ زِيَادَةَ الرُّوحِ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ، وَ هُوَ أَعْظَمُ خَلْقاً مِنْ جَبْرَئِيلَ[3].
رَجَعَ الْحَدِيثُ فَأَقَامَ مَعَ أَبِيهِ تِسْعَ عَشْرَةَ سَنَةً، وَ عَاشَ بَعْدَ أَبِيهِ أَيَّامَ إِمَامَتِهِ خَمْساً وَ ثَلَاثِينَ سَنَةً، فِيهَا بَقِيَّةَ مُلْكِ الْمَنْصُورِ، ثُمَّ مُلْكِ ابْنِهِ مُحَمَّدٍ الْمَهْدِيِّ عَشَرِ سِنِينَ وَ شَهْرٍ وَ أَيَّامٍ، ثُمَّ مُلْكَ
[1] آل عمران 3: 18.
[2] المحاسن: 314/ 32، بصائر الدّرجات: 460/ 4، الكافي 1: 316/ 1، عيون المعجزات: 95، مدينة المعاجز: 425/ 1.
[3] مدينة المعاجز: 426.