الْقَدِيدَ فَأَطْعِمْهُ الْكَلْبَ.
فَقَالَ الرَّجُلُ: وَ اللَّهِ مَا أَبْلَيْتُ نُصْحاً[1].
فَقَالَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): إِنَّهُ لَيْسَ بِذَكِيٍّ.
فَقَالَ الرَّجُلُ: اشْتَرَيْتُهُ مِنْ رَجُلٍ مُسْلِمٍ، وَ ذَكَرَ أَنَّهُ ذَكِيٌّ. فَرَدَّهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فِي الْجِرَابِ، وَ تَكَلَّمَ عَلَيْهِ بِكَلَامٍ، ثُمَّ قَالَ لِلرَّجُلِ: قُمْ فَأَدْخِلْهُ الْبَيْتَ، وَ ضَعْهُ فِي زَاوِيَةٍ. فَفَعَلَ.
قَالَ: فَسَمِعَ الرَّجُلُ الْقَدِيدَ يَقُولُ: يَا عَبْدَ اللَّهِ[2]، لَيْسَ مِثْلِي تَأْكُلُهُ أَوْلَادُ الْأَنْبِيَاءِ، إِنِّي لَسْتُ بِذَكِيٍّ. فَحَمَلَ الرَّجُلُ الْجِرَابَ وَ خَرَجَ إِلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) فَقَالَ لَهُ: مَا قَالَ لَكَ؟ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَنَّهُ غَيْرُ ذَكِيٍّ. فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): أَ مَا عَلِمْتَ يَا هَارُونُ، أَنَّا نَعْلَمُ مَا لَا يَعْلَمُ النَّاسُ؟! قُلْتُ: بَلَى، جَعَلَنِيَ اللَّهُ فِدَاكَ[3]. وَ خَرَجَ الرَّجُلُ، وَ خَرَجْتُ مَعَهُ حَتَّى مَرَّ عَلَى كَلْبٍ، فَأَلْقَاهُ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَأَكَلَهُ الْكَلْبُ كُلَّهُ[4].
213/ 49- حَدَّثَنَا الْقَاضِي أَبُو الْفَرَجِ الْمُعَافَى، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ الْمِصْرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي أَحْمَدَ بْنِ عِيَاضٍ[5] بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي جَدِّي عِيَاضُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، قَالَ: سَمِعْتُ اللَّيْثَ بْنَ سَعْدٍ يَقُولُ: حَجَجْتُ فِي سَنَةِ ثَلَاثَ عَشْرَةَ وَ مِائَةٍ، فَأَتَيْتُ مَكَّةَ، فَلَمَّا أَنْ صَلَّيْتُ الْعَصْرَ رَقِيتُ أَبَا قُبَيْسٍ، فَإِذَا أَنَا بِرَجُلٍ جَالِسٌ وَ هُوَ يَدْعُو، فَقَالَ: يَا رَبِّ، يَا رَبِّ؛ حَتَّى انْقَطَعَ النَّفَسُ.
ثُمَّ قَالَ: يَا رَبَّاهْ، يَا رَبَّاهْ؛ حَتَّى انْطَفَأَ نَفَسُهُ.
ثُمَّ قَالَ: يَا اللَّهُ، يَا اللَّهُ، حَتَّى انْطَفَأَ نَفَسُهُ.
[1] في الهداية: ما أتيتك إلّا ناصحا. و الظّاهر صوابه.
[2] في النّسخ: يا أبا عبد اللّه، و ما أثبتناه من المصادر.
[3] زاد في الهداية: فعلمت أن اسم الرّجل هارون.
[4] الهداية الكبرى: 250، الخرائج و الجرائح 2: 606/ 1، مناقب ابن شهرآشوب 4: 222، الصّراط المستقيم 2: 187/ 9.
[5] في« ع»: محمّد بن أحمد بن عبّاس.