قَالَ: فَخَرَجْتُ، فَضَرَبَ بِيَدِهِ عَلَى عَيْنِي فَشَدَّهَا، ثُمَّ حَمَلَنِي رَدِيفاً فَصَبَّحَ الْمَدِينَةَ[1] وَ أَنَا مَعَهُ، فَلَمْ يَزَلْ فِي مَنْزِلِهِ حَتَّى قَدِمَ عِيَالَهُ[2].
204/ 40- وَ بِإِسْنَادِهِ إِلَى أَحْمَدَ بْنِ الْحُسَيْنِ الْمَعْرُوفِ بِابْنِ أَبِي الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ بَعْضِ رِجَالِهِ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ، عَنْ يُونُسَ بْنِ ظَبْيَانَ، قَالَ: اسْتَأْذَنْتُ عَلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) فَخَرَجَ إِلَيَّ مُعَتِّبٌ فَأَذِنَ لِي، فَدَخَلْتُ وَ لَمْ يَدْخُلْ مَعِي كَمَا كَانَ يَدْخُلُ.
فَلَمَّا أَنْ صِرْتُ فِي الدَّارِ نَظَرْتُ إِلَى رَجُلٍ عَلَى صُورَةِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ كَمَا كُنْتُ أَفْعَلُ، قَالَ: مَنْ أَنْتَ يَا هَذَا؟ لَقَدْ وَرَدْتَ عَلَى كُفْرٍ أَوْ إِيمَانٍ.
وَ كَانَ بَيْنَ يَدَيْهِ رَجُلَانِ كَأَنَّ عَلَى رُءُوسِهِمَا الطَّيْرَ، فَقَالَ لِيَ: ادْخُلْ. فَدَخَلْتُ الدَّارَ الثَّانِيَةَ، فَإِذَا رَجُلٌ عَلَى صُورَتِهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ)، وَ إِذَا بَيْنَ يَدَيْهِ جَمْعٌ كَثِيرٌ كُلُّهُمْ صُوَرُهُمْ وَاحِدَةٌ، فَقَالَ:
مَنْ تُرِيدُ؟ قُلْتُ: أُرِيدُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ.
فَقَالَ: قَدْ وَرَدْتَ عَلَى أَمْرٍ عَظِيمٍ، إِمَّا كُفْرٍ أَوْ إِيمَانٍ.
ثُمَّ خَرَجَ مِنَ الْبَيْتِ رَجُلٌ قَدْ بَدَا بِهِ الشَّيْبُ، فَأَخَذَ بِيَدِي، وَ أَوْقَفَنِي عَلَى الْبَابِ وَ غُشِيَ بَصَرِي مِنَ النُّورِ، فَقُلْتُ: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا بَيْتَ اللَّهِ وَ نُورَهُ وَ حِجَابَهُ.
فَقَالَ: وَ عَلَيْكَ السَّلَامُ يَا يُونُسُ. فَدَخَلْتُ الْبَيْتَ فَإِذَا بَيْنَ يَدَيْهِ طَائِرَانِ يَحْكِيَانِ، فَكُنْتُ أَفْهَمُ كَلَامَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) وَ لَا أَفْهَمُ كَلَامَهُمَا.
فَلَمَّا خَرَجَا قَالَ: يَا يُونُسُ، سَلْ، نَحْنُ نُجَلِّي النُّورَ فِي الظُّلُمَاتِ، وَ نَحْنُ الْبَيْتُ الْمَعْمُورُ الَّذِي مَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِناً، نَحْنُ عِزَّةُ اللَّهِ وَ كِبْرِيَاؤُهُ.
قَالَ: قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، رَأَيْتُ شَيْئاً عَجِيباً، رَأَيْتُ رَجُلًا عَلَى صُورَتِكَ! قَالَ:
يَا يُونُسُ، إِنَّا لَا نُوصَفُ، ذَلِكَ صَاحِبُ السَّمَاءِ الثَّالِثَةِ يَسْأَلُ أَنْ أَسْتَأْذِنَ اللَّهَ لَهُ أَنْ يُصَيِّرَهُ[3] مَعَ أَخٍ لَهُ فِي السَّمَاءِ الرَّابِعَةِ.
[1] صبّح المدينة: أيّ أتاها صباحا، انظر« لسان العرب- صبّح- 2: 502».
[2] مدينة المعاجز: 394/ 127.
[3] في« ع، م»: يصير.