إن الاستدلال على الإمام
من حديثه و آثاره استدلال صحيح، فسلوك المدّعي و حديثه خير شاهد على حقيقة دعواه و
جوهرها، و هو شاهد أيضا على صدق دعواه عند ما ترافقه القرائن و الدلائل الأخرى، و
إلّا فلا تعدّ وحدها دليلا كافيا على إمامته.
و من أراد معرفة ذلك عن
أئمّة الهدى (عليهم السلام) فإنّه يجده ظاهرا ظهور النهار في أحاديثهم الشريفة،
معدن الهداية، و سبل النجاة، دعاة إلى الحق هداة إليه بالقول و العمل.
فما على الباحث إلّا أن
يتوخّى ما صحّ عنهم من الحديث و الأثر ليجد ذلك بيّنا بلا عناء. و لا بدّ من
الإشارة هنا إلى مسألة هي في غاية الأهميّة، فقد قلنا إنّ على الباحث أن يتوخّى ما
صحّ عنهم (عليهم السلام)، و نؤكّد هذا الكلام و نقول: إنّ عليه أن يحذر ما اختلط بحديثهم
من أباطيل الوضّاعين، فقد كثرت الكذّابة عليهم كما كثرت على رسول اللّه (صلّى
اللّه عليه و آله و سلّم) و قد فصّل الإمام الرضا (عليه السلام) القول في ذلك أجمل
تفصيل و أدقّه، و هو يقول: «إنّ مخالفينا وضعوا أخبارا في فضائلنا و جعلوها على
أقسام ثلاثة: أحدها: الغلوّ، و ثانيها: التقصير في أمرنا، و ثالثها: التصريح
بمثالب أعدائنا. فإذا سمع الناس الغلوّ فينا كفّروا شيعتنا و نسبوهم إلى القول
بربوبيّتنا. و إذا سمعوا التقصير اعتقدوه فينا، و إذا سمعوا مثالب أعدائنا
بأسمائهم ثلبونا بأسمائنا، و قد قال اللّه (عزّ و جلّ): لا تَسُبُّوا
الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْواً بِغَيْرِ
عِلْمٍ[1].
5- نصّ الإمام السابق:
تقدّم أنّ نصّ النبيّ
كان خير شاهد على نبوّة النبيّ اللاحق له، و مثل هذا يقال مع الإمام، بل هو واضح
مع الأئمّة الاثني عشر (عليهم السلام)، ملازم لهم جميعا، فقد ثبت النصّ من كلّ
إمام إلى الإمام اللاحق بالطرق الصحيحة و الكثيرة التي كانت سببا في اطمئنان
أتباعهم و أشياعهم[2].
و هنا ينبغي التنبيه إلى
أنّ هذه النصوص لا بدّ أن تكون منسجمة مع نصوص
[1] عيون أخبار الرضا( عليه السلام) 1: 304/ 63، و
الآية من سورة الانعام 6: 108.
[2] راجع في ذلك تراجم الأئمّة( عليهم السلام) في:
الإرشاد، و إعلام الورى.