عَنْ مَنْصُورِ بْنِ حَازِمٍ، عَنْ سَعْدٍ الْإِسْكَافِ، قَالَ: طَلَبْتُ الْإِذْنَ عَلَى أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) مَعَ أَصْحَابٍ لَنَا[1]، فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ فَإِذَا عَلَى يَمِينِهِ نَفَرٌ كَأَنَّهُمْ مِنْ أَبٍ وَ أُمٍّ، عَلَيْهِمْ ثِيَابٌ[2] وَ أَقْبِيَةٌ ضَافِيَةٌ، وَ عَمَائِمُ صُفْرٌ، فَمَا لَبِثُوا حَتَّى[3] خَرَجُوا فَقَالَ لِي: يَا سَعْدُ، رَأَيْتَهُمْ؟
قُلْتُ: نَعَمْ، جُعِلْتُ فِدَاكَ، مَنْ هَؤُلَاءِ؟
قَالَ: إِخْوَانُكُمْ مِنَ الْجِنِّ أَتَوْنَا يَسْتَفْتُونَّا فِي حَلَالِهِمْ وَ حَرَامِهِمْ كَمَا تَأْتُونَّا وَ تَسْتَفْتُونَّا فِي حَلَالِكُمْ وَ حَرَامِكُمْ.
فَقُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، وَ يَظْهَرُونَ لَكُمْ؟ قَالَ: نَعَمْ[4].
156/ 20- وَ رَوَى الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْوَشَّاءُ، عَنْ عَبْدِ الصَّمَدِ بْنِ بَشِيرٍ، عَنْ عَطِيَّةَ أَخِي أَبِي الْعَوَّامِ[5]، قَالَ: كُنْتُ مَعَ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) فِي مَسْجِدِ الرَّسُولِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) إِذْ أَقْبَلَ أَعْرَابِيٌّ عَلَى لَقُوحٍ[6] لَهُ، فَعَقَلَهَا ثُمَّ دَخَلَ، فَضَرَبَ بِبَصَرِهِ يَمِيناً وَ شِمَالًا كَأَنَّهُ طَائِرُ الْعَقْلِ، فَهَتَفَ بِهِ أَبُو جَعْفَرٍ فَلَمْ يَسْمَعْهُ، فَأَخَذَ كَفّاً مِنْ حَصًا فَحَصَّبَهُ، فَأَقْبَلَ الْأَعْرَابِيُّ حَتَّى نَزَلَ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَقَالَ لَهُ: يَا أَعْرَابِيُّ مِنْ أَيْنَ أَقْبَلْتَ؟
قَالَ: مِنْ أَقْصَى الْأَرْضِ.
فَقَالَ لَهُ أَبُو جَعْفَرٍ: أَوْسِعْ مِنْ ذَلِكَ، فَمَنْ أَيْنَ أَقْبَلْتَ؟
قَالَ: مِنْ أَقْصَى الدُّنْيَا، وَ مَا خَلْفِي مِنْ شَيْءٍ، أَقْبَلْتُ مِنَ الْأَحْقَافِ.
قَالَ: أَيُّ الْأَحْقَافِ؟
قَالَ: أَحْقَافُ عَادٍ.
قَالَ: يَا أَعْرَابِيُّ، فَمَا مَرَرْتَ بِهِ فِي طَرِيقِكَ؟
قَالَ: مَرَرْتُ بِكَذَا. فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَ مَرَرْتُ بِكَذَا، فَقَالَ الْأَعْرَابِيُّ: نَعَمْ، وَ مَرَرْتُ
[1] في« ط»: لي.
[2] في« ع، م» زيادة: دوابر.
[3] في« ع، م»: صفر، فما احتبسوا حتّى.
[4] بصائر الدّرجات: 117/ 5، مدينة المعاجز: 328/ 29.
[5] في رجال الطّوسيّ: 260/ 619: العرام، و انظر معجم رجال الحديث 11: 146 و 147.
[6] اللقوح: النّاقة الّتي تقبل اللّقاح، و قيل: النّاقة الحلوب.