وَ الْإِمَامَةَ مِنْ بَعْدِهِ إِلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، ثُمَّ إِلَى الْحَسَنِ، ثُمَّ إِلَى الْحُسَيْنِ، وَ قَدْ قُتِلَ أَبُوكَ (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ)، وَ أَنَا عَمُّكَ وَ صِنْوُ أَبِيكَ، وَ وِلَادَتِي مِنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ مِثْلُ وِلَادَةِ أَبِيكَ، فَأَنَا أَحَقُّ بِالْوَصِيَّةِ مِنْكَ مَعَ حَدَاثَتِكَ، فَلَا تُنَازِعْنِي الْوَصِيَّةَ وَ الْإِمَامَةَ، وَ لَا تُحَارِبْنِي[1].
فَقَالَ لَهُ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): يَا عَمِّ، لَا تَدَعْ مَا لَيْسَ لَكَ بِحَقٍّ، إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ.
إِنَّ أَبِي (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ) أَوْصَى إِلَيَّ قَبْلَ أَنْ يَتَوَجَّهَ إِلَى الْعِرَاقِ، وَ عَهِدَ إِلَيَّ قَبْلَ أَنْ يُسْتَشْهَدَ بِسَاعَةٍ، وَ هَذَا سِلَاحُ رَسُولِ اللَّهِ عِنْدِي، فَلَا تَتَعَرَّضْ لِهَذَا الْأَمْرِ وَ تُنْكِرْهُ، فَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكَ- يَا عَمِّ- نَقْصَ الْعُمُرِ وَ تَشَتُّتَ الْحَالِ.
إِنَّ اللَّهَ (تَعَالَى)- لَمَّا صَنَعَ الْحَسَنُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) مَعَ مُعَاوِيَةَ مَا صَنَعَ- جَعَلَ الْوَصِيَّةَ وَ الْإِمَامَةَ فِي عَقِبِ الْحُسَيْنِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فَإِنْ أَرَدْتَ أَنْ تَعْلَمَ حَقِيقَةَ قَوْلِي فَانْطَلِقْ مَعِي إِلَى الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ حَتَّى نَتَحَاكَمَ إِلَيْهِ وَ نَسْأَلَهُ عَنْ ذَلِكَ.
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): وَ كَانَ الْكَلَامُ بَيْنَهُمَا بِمَكَّةَ، فَانْطَلَقَا حَتَّى أَتَيَا الْحَجَرَ الْأَسْوَدَ، فَقَالَ عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) لِمُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيَّةِ: ابْتَهِلْ إِلَى اللَّهِ (تَعَالَى)، وَ اسْأَلْهُ أَنْ يُنْطِقَ لَكَ الْحَجَرَ. فَابْتَهَلَ مُحَمَّدٌ بِالدُّعَاءِ، وَ سَأَلَ اللَّهَ، وَ كَلَّمَ الْحَجَرَ فَلَمْ يُجِبْهُ.
فَقَالَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): أَمَا إِنَّكَ- يَا عَمِّ- لَوْ كُنْتَ وَصِيّاً وَ إِمَاماً لَأَجَابَكَ.
قَالَ: فَقَالَ مُحَمَّدٌ: فَكَلِّمْهُ أَنْتَ- يَا بْنَ أَخِي- وَ سَلْهُ.
فَدَعَا اللَّهَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) بِمَا أَرَادَ، ثُمَّ قَالَ: أَسْأَلُكَ بِالَّذِي جَعَلَ فِيكَ مِيثَاقَ الْأَنْبِيَاءِ وَ النَّاسِ أَجْمَعِينَ لَمَّا أَخْبَرْتَنَا مَنِ الْوَصِيُّ وَ الْإِمَامُ بَعْدَ الْحُسَيْنِ.
فَتَحَرَّكَ الْحَجَرُ حَتَّى كَادَ أَنْ يَزُولَ عَنْ مَوْضِعِهِ، وَ أَنْطَقَهُ اللَّهُ (عَزَّ وَ جَلَّ) بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ، وَ قَالَ: اللَّهُمَّ إِنَّ الْوَصِيَّةَ وَ الْإِمَامَةَ بَعْدَ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) إِلَى عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ فَاطِمَةَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ).
[1] في« ع، م»: و لا تحادثني، و في البصائر: و لا تجانبني، و في الامامة و التّبصرة: و لا تخالفني.