النبيّ (صلّى اللّه عليه و آله و سلّم) اثني عشر خليفة كلّهم
من قريش، ثمّ اتّفقوا على تسمية عليّ (عليه السلام) في نصوص عديدة، و إنّ تأوّلها
بعضهم على خلاف ظاهرها، ثمّ اتّفقوا أخيرا على النصّ النبويّ الصريح الذي ختم على
الأمر كلّه، و زاده ظهورا و تحديدا لم يدع فيه مجالا للشكّ و التردّد، ألا و هو
حديث الثقلين الذي نصّه: «ألا أيّها الناس، إنّما أنا بشر يوشك أن يأتيني رسول
ربّي فأجيب، و أنا تارك فيكم الثقلين- ما إن تمسكتم بهما لن تضلّوا بعدي- أحدهما
أعظم من الآخر: كتاب اللّه، حبل ممدود من السماء إلى الأرض، و عترتي أهل بيتي، و
لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض، فانظروا كيف تخلفوني فيهما». و زاد في رواية مسلم
و غيره: «أذكّركم اللّه في أهل بيتي، أذكّركم اللّه في أهل بيتي، أذكّركم اللّه في
أهل بيتي»[1].
أمّا الصحاح الواردة من
طرق الإماميّة في ذكر الأئمّة الاثني عشر بعدّتهم و أسمائهم فهي كثيرة[2].
2- الاستقامة و سلامة
النشأة:
إنّ ضرورة الاستقامة و
الطّهر و سلامة النشأة في الإمام هي تماما كضرورتها في النبيّ بلا فارق، فالإمام
هو القائم مقام النبيّ، الشاغل لفراغه، المؤتمن على رسالته، و المؤدّي لدوره في
حماية الشريعة و إقامة حدودها، فلا بدّ أن يكون له من النزاهة و الطّهر ما كان
للنبيّ ليكون مؤهّلا لخلافته.
و لا خلاف في أنّ ذلك كان
لعليّ (عليه السلام) دون سائر الصحابة، فهو الناشئ في حجر النبيّ (صلّى اللّه عليه
و آله و سلّم)، الملازم له ملازمة الظلّ لصاحبه، فلا هو فارق النبيّ، و لا خلاله
فارقت خلاله. و تلك منزلة لم يشاركه فيها أحد حتّى ولد الحسنان (عليهما السلام)
فكان حظّهما حظّ أبيهما، حتّى خصّهم اللّه (تعالى) بآية التطهير، فقال: إِنَّما
يُرِيدُ اللَّهُ
[1] صحيح مسلم 4: 1873/ 36، 37-( 2408)، سنن
الترمذي 5: 662/ 3786، 3788، مسند أحمد 3: 14، 17 و 4: 367 و 5: 182، 189،
المستدرك على الصحيحين 3: 148، مصابيح السنّة 4: 190/ 4816، تفسير الرازي 8: 163،
تفسير ابن كثير 4: 122، السيرة الحلبية 3: 274، تاريخ اليعقوبي 2: 111.
[2] انظر إعلام الورى: الركن الرابع- الفصل
الثاني: 386- 392، و كتاب كفاية الأثر لأبي القاسم الخزّاز القمّي، و مقتضب الأثر
لابن عياش، و غيرها كثير.