وَ قَالَ يَزِيدُ بْنُ أَبِي زِيَادٍ: كُنْتُ ابْنَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً حِينَ قُتِلَ الْحُسَيْنُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فَقَطَرَتِ السَّمَاءُ دَماً، وَ صَارَ عَلَى رُءُوسِ النَّاسِ الدَّمُ، وَ أَصْبَحَ كُلُّ شَيْءٍ[1] مَلْآنَ دَماً[2] ..
رَجَعَ الْحَدِيثُ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ (عَزَّ وَ جَلَّ) هَنَّأَ نَبِيَّهُ بِحَمْلِ الْحُسَيْنِ وَ وِلَادَتِهِ، وَ عَزَّاهُ بِمُصَابِهِ وَ قَتْلِهِ، فَعَرَّفَ ذَلِكَ لِفَاطِمَةَ (عَلَيْهَا السَّلَامُ)، فَكَرِهَتْ حَمْلَهُ وَ وِلَادَتُهُ حُزْناً عَلَيْهِ لِلْمُصِيبَةِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ (جَلَّ اسْمُهُ):
حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَ وَضَعَتْهُ كُرْهاً وَ حَمْلُهُ وَ فِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً[3] وَ لَيْسَ هَذَا فِي سَائِرِ النَّاسِ لِأَنَّ حَمْلَ النِّسَاءِ تِسْعَةُ أَشْهُرٍ، وَ الرَّضَاعُ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ، وَ هِيَ أَرْبَعَةُ وَ عِشْرُونَ شَهْراً، وَ مِنَ النِّسَاءِ مَنْ تَلِدُ لِسَبْعَةِ أَشْهُرٍ، فَيَكُونُ مَعَ حَوْلَيِ الرَّضَاعِ أَحَداً وَ ثَلَاثِينَ شَهْراً، وَ إِنَّ الْمُوْلَدَ لَا يَعِيشُ لَسْتُ وَ لَا لِثَمَانٍ، وَ إِنْ مَوْلِدِ الْحُسَيْنِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) كَانَ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ، وَ رَضَاعِهِ أَرْبَعَةُ وَ عِشْرُونَ شَهْراً[4].
وَ قَالَتْ أُمُّ الْفَضْلِ بِنْتُ الْحَارِثِ: دَخَلْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي رَأَيْتَ حُلُماً مُنْكَراً اللَّيْلَةَ. قَالَ: وَ مَا هُوَ؟
قُلْتُ: إِنَّهُ شَدِيدٌ. قَالَ: وَ مَا هُوَ؟
قُلْتُ: رَأَيْتَ كَأَنَّ قِطْعَةً مِنْ جَسَدِكَ انْقَطَعَتْ وَ وُضِعَتْ فِي حَجْرِي.
فَقَالَ: خَيْراً رَأَيْتَ، تَلِدُ فَاطِمَةُ غُلَاماً فَيَكُونُ فِي حَجْرِكِ.
فَوَلَدَتْ فَاطِمَةُ الْحُسَيْنَ، فَكَانَ فِي حَجْرِي كَمَا قَالَ، فَدَخَلْتُ بِهِ يَوْماً عَلَيْهِ، فَوَضَعَتْهُ فِي حَجْرِهِ ثُمَّ حَانَتْ مِنِّي الْتِفَاتَةٌ إِلَيْهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، فَإِذَا عَيْنَاهُ تُهْرِقَانِ بِالدُّمُوعِ، فَقُلْتُ: بِأَبِي أَنْتَ وَ امي يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا لَكَ؟
قَالَ: هَذَا جَبْرَئِيلُ أَخْبَرَنِي أَنَّ أُمَّتِي سَتَقْتُلُ ابْنِي هَذَا. فَقُلْتُ: هَذَا؟
[1] في« ط»: وعاء.
[2] البحار 45: 216، الصّواعق المحرقة: 194 نحوه.
[3] الاحقاف 46: 15.
[4] الهداية الكبرى: 202، مناقب ابن شهرآشوب 4: 50« قطعة منه».