الْمَعَانِيُّ بِمَعَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ هَمَّامٍ الْحِمْيَرِيُ[1]، قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ الضُّبَعِيُّ الْبَصْرِيُّ قَدِمَ عَلَيْنَا الْيَمَنَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو هَارُونَ الْعَبْدِيُّ، عَنْ رَبِيعَةَ السَّعْدِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنِي حُذَيْفَةُ بْنُ الْيَمَانِ، قَالَ:
لَمَّا خَرَجَ جَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ مِنْ أَرْضِ الْحَبَشَةِ إِلَى النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) أَرْسَلَ مَعَهُ النَّجَاشِيَّ بِقَدَحٍ مِنْ غَالِيَةٍ[2] وَ قَطِيفَةٍ مَنْسُوجَةٍ بِالذَّهَبِ هَدِيَّةً إِلَى النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ). فَقَدِمَ جَعْفَرٌ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) وَ النَّبِيُّ بِأَرْضِ خَيْبَرَ، فَأَتَاهُ بِالْقَدَحِ مِنَ الْغَالِيَةِ وَ الْقَطِيفَةِ، فَقَالَ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): لَأَدْفَعَنَّ هَذِهِ الْقَطِيفَةَ إِلَى رَجُلٍ يُحِبُّ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ، وَ يُحِبُّهُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ.
فَمَدَّ أَصْحَابُ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) أَعْنَاقَهُمْ إِلَيْهَا، فَقَالَ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ):
أَيْنَ عَلِيٌّ؟ فَلَمَّا جَاءَهُ قَالَ لَهُ النَّبِيُّ: يَا عَلِيُّ، خُذْ هَذِهِ الْقَطِيفَةَ إِلَيْكَ. فَأَخَذَهَا عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) وَ أُمْهِلَ، حَتَّى قَدِمَ إِلَى الْمَدِينَةِ، فَانْطَلَقَ إِلَى الْبَقِيعِ- وَ هُوَ سُوقُ الْمَدِينَةِ- فَأَمَرَ صَائِغاً فَفَصَلَ الْقَطِيفَةَ سِلْكاً سِلْكاً، فَبَاعَ الذَّهَبَ، وَ كَانَ أَلْفَ مِثْقَالٍ، فَفَرَّقَهُ عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) فِي فُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ وَ الْأَنْصَارِ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى مَنْزِلِهِ وَ لَمْ يَبْقَ لَهُ مِنَ الذَّهَبِ قَلِيلٌ وَ لَا كَثِيرٌ[3]، فَلَقِيَهُ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) مِنْ غَدٍ فِي نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِهِ فِيهِمْ حُذَيْفَةُ وَ عَمَّارٌ، فَقَالَ: يَا عَلِيُّ، إِنَّكَ أَفَدْتَ[4] بِالْأَمْسِ أَلْفَ مِثْقَالٍ، فَاجْعَلْ غَدَايَ الْيَوْمَ وَ أَصْحَابِي هَؤُلَاءِ عِنْدَكَ. وَ لَمْ يَكُنْ عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) يَرْجِعُ يَوْمَئِذٍ إِلَى شَيْءٍ مِنَ الْعُرُوضِ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ، فَقَالَ حَيَاءً مِنْهُمْ وَ تَكَرُّماً: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ، ادْخُلْ- يَا نَبِيَّ اللَّهِ- وَ فِي الرُّحْبِ وَ السَّعَةِ أَنْتَ وَ مَنْ مَعَكَ.
قَالَ: فَدَخَلَ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، ثُمَّ قَالَ لَنَا: ادْخُلُوا.
[1] كذا في الأمالي و الجرح و التعديل 6: 70 نسبة إلى حمير من قبائل اليمن، و انظر سير أعلام النبلاء 9:
563/ 220، و في« ط، ع، م»: الخيبريّ.
[2] الغالية: ضرب من الطّيب: مركب من مسك و عنبر و كافور و دهن البان و عود« مجمع البحرين- غلا- 1:
319».
[3] في« ط»: الذّهب شيء لا قليل و لا كثير.
[4] في« ط»: أخذت.