رجع الحديث إلى تمام حديث أبي عليّ بن همّام[1]
قَالَ: فَخَرَجَا مِنْ عِنْدِهَا وَ هِيَ سَاخِطَةٌ عَلَيْهِمَا.
قَالَ: وَ رُوِيَ أَنَّهَا قُبِضَتْ لِعَشْرٍ بَقِينَ مِنْ جُمَادَى الْآخِرَةِ، وَ قَدْ كَمَلَ عُمُرُهَا يَوْمَ قُبِضَتْ ثَمَانِيَ عَشْرَةَ سَنَةً، وَ خَمْسَةً وَ ثَمَانِينَ يَوْماً بَعْدَ وَفَاةِ أَبِيهَا، فَغَسَلَهَا أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، وَ لَمْ يَحْضُرْهَا غَيْرُهُ، وَ الْحَسَنِ، وَ الْحُسَيْنِ، وَ زَيْنَبَ، وَ أُمِّ كُلْثُومٍ، وَ فِضَّةَ جَارِيَتِهَا، وَ أَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ، وَ أَخْرَجَهَا إِلَى الْبَقِيعِ فِي اللَّيْلِ، وَ مَعَهُ الْحَسَنُ وَ الْحُسَيْنُ، وَ صَلَّى عَلَيْهَا، وَ لَمْ يُعْلِمْ بِهَا، وَ لَا حَضَرَ وَفَاتَهَا، وَ لَا صَلَّى عَلَيْهَا أَحَدٌ مِنْ سَائِرِ النَّاسِ غَيْرُهُمْ، وَ دَفَنَهَا فِي الرَّوْضَةِ، وَ عَفَى[2] مَوْضِعَ قَبْرِهَا، وَ أَصْبَحَ الْبَقِيعُ لَيْلَةَ دُفِنَتْ وَ فِيهِ أَرْبَعُونَ قَبْراً جُدَداً؟
وَ إِنَّ الْمُسْلِمِينَ لَمَّا عَلِمُوا وَفَاتَهَا جَاءُوا إِلَى الْبَقِيعِ، فَوَجَدُوا فِيهِ أَرْبَعِينَ قَبْراً، فَأَشْكَلَ عَلَيْهِمْ قَبْرُهَا مِنْ سَائِرِ الْقُبُورِ، فَضَجَّ النَّاسُ وَ لَامَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً، وَ قَالُوا: لَمْ يُخَلِّفْ نَبِيُّكُمْ فِيكُمْ إِلَّا بِنْتاً وَاحِدَةً، تَمُوتُ وَ تُدْفَنُ وَ لَمْ تَحْضُرُوا وَفَاتَهَا وَ لَا دَفْنَهَا وَ لَا[3] الصَّلَاةَ عَلَيْهَا! بَلْ وَ لَمْ[4] تَعْرِفُوا قَبْرَهَا!
فَقَالَ وُلَاةُ الْأَمْرِ مِنْهُمْ: هَاتُوا مِنْ نِسَاءِ الْمُسْلِمِينَ مَنْ يَنْبُشُ هَذِهِ الْقُبُورَ حَتَّى نَجِدَهَا فَنُصَلِّيَ عَلَيْهَا وَ نَزُورَ[5] قَبْرَهَا.
فَبَلَغَ ذَلِكَ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ)، فَخَرَجَ مُغْضَباً قَدِ احْمَرَّتْ عَيْنَاهُ، وَ دَرَّتْ أَوْدَاجُهُ[6]، وَ عَلَيْهِ قَبَاؤُهُ الْأَصْفَرُ الَّذِي كَانَ يَلْبَسُهُ فِي كُلِّ كَرِيهَةٍ، وَ هُوَ يَتَوَكَّأُ عَلَى سَيْفِهِ ذِي الْفَقَارِ، حَتَّى وَرَدَ الْبَقِيعَ، فَسَارَ إِلَى النَّاسِ مَنْ أَنْذَرَهُمْ، وَ قَالَ[7]: هَذَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي
[1] و هو الحديث( 43).
[2] في« ع»: عمّي.
[3] في« ع، م»: وفاتها و.
[4] في« ع، م»: عليها و لا.
[5] في« ط»: نعين، و في« ع»: يرون.
[6] أيّ برزت و ظهرت. و منه قولهم: بين عينيه عرق يدرّه الغضب.
[7] في« ع، م»: النّاس النّذير و قالوا.