[امتثلها][1]، وَضَعَهَا[2] لِغَيْرِ فَائِدَةٍ زَادَتْهُ، بَلْ إِظْهَاراً لِقُدْرَتِهِ، وَ تَعَبُّداً لِبَرِيَّتِهِ، وَ إِعْزَازاً لِأَهْلِ دَعْوَتِهِ، ثُمَّ جَعَلَ الثَّوَابِ عَلَى طَاعَتِهِ، وَ وَضَعَ الْعِقَابَ عَلَى مَعْصِيَتِهِ، ذِيَادَةً[3] لِعِبَادِهِ عَنْ نَقِمَتِهِ، وَ حِيَاشَةً[4] لَهُمْ إِلَى جَنَّتِهِ.
وَ أَشْهَدُ أَنَّ أَبِي مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ، اخْتَارَهُ قَبْلَ أَنْ يَجْتَبِلَهُ[5]، وَ اصْطَفَاهُ قَبْلَ أَنْ يَبْتَعَثَهُ، وَ سَمَّاهُ قَبْلَ أَنْ يَسْتَنْجِبهِ[6]، إِذِ الْخَلَائِقُ فِي الْغَيْبِ مَكْنُونَةٌ، وَ بِسَدِّ الْأَوْهَامِ[7] مَصُونَةٌ، وَ بِنِهَايَةِ الْعَدَمِ مَقْرُونَةٌ، عِلْماً مِنَ اللَّهِ فِي غَامِضِ الْأُمُورِ، وَ إِحَاطَةَ مِنْ وَرَاءِ حَادِثَةِ الدُّهُورِ، وَ مَعْرِفَةً بِمَوَاقِعِ الْمَقْدُورِ.
ابْتَعَثَهُ اللَّهُ إِتْمَاماً لِعِلْمِهِ، وَ عَزِيمَةً عَلَى إِمْضَاءِ حُكْمِهِ، فَرَأَى الْأُمَمَ فِرَقاً فِي أَدْيَانِهَا، عُكَّفاً عَلَى نِيرَاهَا، عَابِدَةً لِأَوْثَانِهَا، مُنْكِرَةً لِلَّهِ مَعَ عِرْفَانِهَا، فَأَنَارَ اللَّهُ بِمُحَمَّدٍ ظُلَمَهَا، وَ فَرَّجَ عَنِ الْقُلُوبِ بُهَمَهَا[8]، وَ جَلَا عَنِ الْأَبْصَارِ عَمَهَهَا، وَ عَنِ الْأَنْفُسِ غُمَمَهَا.
ثُمَّ قَبَضَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ قَبْضَ رَأْفَةٍ وَ رَحْمَةٍ، وَ اخْتِيَارٍ وَ رَغْبَةٍ لِمُحَمَّدِ عَنْ تَعَبِ هَذِهِ الدَّارِ، مَوْضُوعاً عَنْهُ أَعْبَاءُ الْأَوْزَارِ، مَحْفُوفاً بِالْمَلَائِكَةِ الْأَبْرَارِ، وَ رِضْوَانِ الرَّبِّ الْغَفَّارِ، وَ مُجَاوَرَةِ الْمَلِكِ الْجَبَّارِ؛ أَمِينُهُ عَلَى الْوَحْيِ، وَ صَفِيُّهُ وَ رَضِيُّهُ، وَ خِيَرَتُهُ مِنْ خَلْقِهِ وَ نَجِيُّهُ، فَعَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَ السَّلَامُ[9]، وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ».
ثُمَّ الْتَفَتَتْ إِلَى أَهْلِ الْمَجْلِسِ[10]، فَقَالَتْ لِجَمِيعِ الْمُهَاجِرِينَ وَ الْأَنْصَارِ:
«وَ أَنْتُمْ عِبَادَ اللَّهِ نُصْبُ أَمْرِهِ وَ نَهْيِهِ، وَ حَمَلَةُ دِينِهِ وَ وَحْيِهِ، وَ أُمَنَاءُ اللَّهِ عَلَى أَنْفُسِكُمْ،
[1] من الاحتجاج.
[2] في« ع، م»: سنأها.
[3] الذيادة: الطّرد و الدّفع« لسان العرب- ذود- 3: 167».
[4] الحياشة: السّوق و الجمع« لسان العرب- حوش- 6: 290».
[5] جبله: أيّ خلقه« القاموس المحيط- جبل- 3: 356».
[6] انتجب فلانا و استنجبه: إذا استخلصه و اصطفاه اختيارا على غيره« لسان العرب- نجب- 1: 748».
[7] في« ع»: بسرّ الأوهام، و في بلاغات النّساء و الاحتجاج: و بستر الأهاويل.
[8] في« ط»: شبهها.
[9] في« ع، م»: خلقه و عليه السّلام.
[10] في« ط، م»: المسجد.