مع أنّ التقيّة واجبة في شرب الخمر أيضا ، كما يظهر من الأخبار [١] ، وغيرها ، مع
أنّه من المسلّمات أن لا تقيّة في الدماء [٢] ، والشيخ ألحق بها الجراحات فقط ، لما فيها من الدم [٣] ، ولم يلحق
المقام أصلا ، مع أنّ شاربها يعذر إلّا في الثالثة أو الرابعة على حدّ سائر
المحرّمات ، ولا يقتل إلّا أن ينكر تحريمها ، لأنّ المنكر له ينجرّ إنكاره إلى
إنكار الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وقد علمت أنّ في إنكار الرسالة تتحقّق التقيّة ، بل
وفي سبّ الرسول أيضا كما تحقّق عن عمّار ، ونزل فيه ( إِلّا مَنْ أُكْرِهَ ) الآية [٤] ، فإذا كان في سبّ الرسول وإنكاره يتحقّق التقيّة ، ففي
شرب الخمر بطريق أولى بمراتب ، لما عرفت.
ومعلوم أنّ
التقيّة لحفظ النفس ، مع أنّ الأخبار الّتي تمسّك بها الشيخ علّل فيها النهي عن
الشرب بأنّ الشرب يقتله أو يضرّه ، فمن جهة حفظ النفس وانعدام الضرر نهوا عليهمالسلام عنه ، فكيف يؤمر بهلاك النفس تنزّها عن الشرب؟! وفي «
المحاسن » ، في الصحيح ، عن محمّد بن مسلم وعدّة ، قالوا : « سمعت [٥] أبا جعفر عليهالسلام يقول : التقيّة في كلّ شيء ، وكلّ شيء اضطرّ إليه ابن
آدم فقد أحلّه الله له » [٦].
[٢] لاحظ! وسائل
الشيعة : ١٦ ـ ٢٣٤ الباب ٣١ من أبواب الأمر والنهي.
[٣] لم نعثر على ما
ذكره في كتب الشيخ الطوسي ، إنّما نقله عنه الشهيدان في : الدروس الشرعيّة : ٢ ـ
٤٨ ومسالك الأفهام : ١ ـ ١٣١. وقد أفتى بذلك أيضا : الحلبي في : الكافي في الفقه :
٣٨٧ ، وهو الظاهر من ابن إدريس في : السرائر : ٢ ـ ٢٠٣ ، ولمزيد من الاطّلاع راجع
: مفتاح الكرامة : ٤ ـ ١١٦.
[٤] النحل ١٦ : ١٠٦
، لاحظ! التبيان في تفسير القرآن : ٦ ـ ٤٢٨.