responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تحف العقول نویسنده : ابن شعبة الحراني    جلد : 1  صفحه : 11
مصادر التصحيح والتعليق تحف العقول للفاضل النبيل الحسن بن علي بن شعبة من قدماء أصحابنا حتى أن شيخنا المفيد ينقل عن هذا الكتاب وهو كتاب لم يسمح الدهر بمثله. الكنى ج 1 ص 318. يوجد ذكره الجميل في أعيان الشيعة لسيدنا العلم الحجة - رحمة الله عليه - ج 22 ص 318 وتأسيس الشيعة ص 413 والذريعة للعلامة الرازي ج 3 ص 40 والكنى والالقاب للمحدث القمى ص 318 وفي مقدمة بحار الانوار المطبوع حديثا وغير ذلك من معاجم التراجم. * (مصادر التصحيح والتعليق) * 1 - نسخة نفيسة ثمينة مخطوطة لخزانة كتب العالم النحرير، الفهامة الجليل، الشريف السيد جلال الدين الارموي المعروف بالمحدث (دام مجده). 2 - نسخة مخطوطة لمكتبة العامة [ كتابخانه ملى ] في عاصمة ايران (تهران). 3 - الكتب المتأخرة الناقلة عن الكتاب كالوافي والوسائل والبحار ومستدرك الوسائل وغير ذلك. وأريد من البحار طبع الكمپاني. ومن أمالي الصدوق الطبعة الحروفية الحديثة. ومن أصول الكافي طبعته الحديثة التي عليها تعاليقنا. ومن فروعه وروضته الطبعة الاولى وهكذا بقية الكتب التي نقلنا عنها في الهامش نريد منها طبعتها الاولى. على اكبر الغفاري 1335 - ش = 1376 - ق
[ 1 ]
مقدمة المؤلف بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الذي جعل الحمد له من غير حاجة منه إلى حمد حامديه طريقا من طرق الاعتراف بلا هوتيته وصمدانيته وربانيته وسببا إلى المزيد من رحمته ومحجة للطالب من فضله [1] ومكن في إبطان اللفظ حقيقة الاعتراف لبر إنعامه [2] فكان من إنعامه الحمد له على إنعامه، فناب الاعتراف له بأنه المنعم عن كل حمد باللفظ وإن عظم. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادة بزغت عن إخلاص الطوي [3] ونطق اللسان بها عبارة عن صدق خفي، إنه الخالق البارئ المصور له الاسماء الحسنى، ليس كمثله شئ، إذ كان الشئ من مشيئته وكان لا يشبهه مكونه. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، استخلصه في القدم على سائر الامم، على علم منه بانفراده عن التشاكل والتماثل من ابناء الجنس، وانتجبه آمرا وناهيا عنه [4]، أقامه في سائر عالمه في الاداء مقامه، إذ لا تدركه الابصار ولا تحويه خواطر الافكار، ولا تمثله غوامض الظنن [5] في الاسرار، لا إله إلا هو الملك الجبار،

[1] المحجة: جادة الطريق.
[2] في بعض النسخ [ الاعتراف له بانعامه ].
[3] البزوغ: الطلوع، بزغت الشمس: طلعت. والطوى: الاضمار والاستتار.
[4] انتجبه: اختاره واصطفاه.
[5] كذا. (*)
[ 2 ]
وقرن الاعتراف بنبوته بالاعتراف بلاهوتيته واختصه من تكرمته [1] بما لم يلحقه فيه أحد من بريته وهو أهل ذلك بخاصته وخلته
[2] إذ لا يختص من يشوبه التغيير ولا من يلحقه التنظير، وأمر بالصلاة عليه مزيدا في تكرمته وتطريقا لعترته
[3]، فصلى الله عليه وعلى آله وكرم وشرف وعظم مزيدا لا يلحقه التنفيد ولا ينقطع على التأبيد، وإن الله تبارك وتعالى اختص لنفسه بعد نبيه خاصة علاهم بتعليته وسما بهم إلى رتبته وجعلهم
[4] إليه والادلاء بالارشاد عليه، أئمة معصومين فاضلين كاملين وجعلهم الحجج على الورى ودعاة إليه، شفعاء بإذنه، لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون، يحكمون بأحكامه ويستنون بسنته ويقيمون حدوده ويؤدون فروضه، ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حي عن بينة، صلوات الله والملائكة الابرار على محمد وآله الاخيار. وبعد فإني لما تأملت ما وصل إلي من علوم نبينا ووصيه والائمة من ولدهما صلوات الله عليهم ورحمته وبركاته، وأدمت النظر فيه والتدبر له علمت أنه قليل مما خرج عنهم، يسير في جنب ما لم يخرج، فوجدته مشتملا على أمر الدين والدنيا وجامعا لصلاح العاجل والآجل، لا يوجد الحق إلا معهم ولا يؤخذ الصواب إلا عنهم ولا يلتمس الصدق إلا منهم. ورأيت من تقدم من علماء الشيعة قد ألفوا عنهم في الحلال والحرام والفرائض والسنن ما قد كتب الله لهم ثوابه و أغنوا من بعدهم عن مؤونة التأليف وحملوا عنهم ثقل التصنيف ووقفت مما انتهى إلي [1] من كرم أي عظم والتكريم: التعظيم.
[2] - بفتح الخاء - أي بخصوصيته وخصلته أو بضم الخاء بمعنى الصداقة والاول أظهر. وفى بعض النسخ [ لا يخص ].
[3] طرق له أي جعل له طريقا.
[4] فيه سقط والادلاء جمع دليل أو الدال وهو المرشد إلى المطلوب وفى الزيارة الجامعة الكبيرة في وصف الائمة عليهم السلام: " السلام على الدعاة إلى الله والادلاء على مرضات الله " إذ هم يدلون الناس على المعارف الالهية والاحكام الشرعية. ولعل الساقط " ندباء ". (*)
[ 3 ]
من علوم السادة عليهم السلام على حكم بالغة ومواعظ شافية وترغيب فيما يبقى، وتزهيد فيما يفنى، ووعد ووعيد، وحض على مكارم الاخلاق والافعال ونهي عن مساويهما، وندب إلى الورع وحث على الزهد. ووجدت بعضهم عليهم السلام قد ذكروا جملا من ذلك فيما طال من وصاياهم وخطبهم ورسائلهم وعهودهم، وروي عنهم في مثل هذه المعاني ألفاظ قصرت وانفردت معانيها وكثرت فائدتها ولم ينته إلي لبعض علماء الشيعة في هذه المعاني تأليف أقف عنده ولا كتاب أعتمد عليه وأستغني به يأتي على ما في نفسي منه. فجمعت ما كانت هذه سبيله وأضفت إليه ما جانسه وضاهاه وشاكله وساواه من خبر غريب أو معنى حسن متوخيا [1] بذلك وجه الله - جل ثناؤه - وطالبا ثوابه وحاملا لنفسي عليه ومؤدبا لها به
[2] وحملها منه على ما فيه نجاتها شوق الثواب وخوف العقاب، ومنبها لي وقت الغفلة ومذكرا حين النسيان ولعله أن ينظر فيه مؤمن مخلص فما علمه منه كان له درسا وما لم يعلمه استفاده فيشركني في ثواب من علمه وعمل به، لما فيه من أصول الدين وفروعه وجوامع الحق وفصوله وجملة السنة وآدابها وتوقيف الائمة وحكمها والفوائد البارعة والاخبار الرائقة
[3] وأتيت على ترتيب مقامات الحجج عليهم السلام وأتبعتها بأربع وصايا شاكلت الكتاب ووافقت معناه. وأسقطت الاسانيد تخفيفا وإيجازا وإن كان أكثره لي سماعا ولان أكثره آداب وحكم تشهد لانفسها ولم أجمع ذلك للمنكر المخالف بل ألفته للمسلم للائمة، العارف بحقهم، الراضي بقولهم، الراد إليهم. وهذه المعاني أكثر من أن يحيط بها حصر وأوسع من أن يقع عليها حظر وفيما ذكرناه مقنع لمن كان له قلب، وكاف لمن كان له لب. [1] في بعض النسخ [ متوجها ].
[2] أي كنت مؤدبا لنفسي بسبب تلكم المواعظ.
[3] البارعة مونث البارع من برع أي فاق علما أو جمالا أو فضيلة أو غير ذلك من الاوصاف. والرائق من الروق: الفضل من الشئ. (*)
[ 4 ]
فتأملوا معاشر شيعة المؤمنين ما قالته أئمتكم عليهم السلام وندبوا إليه وحضوا عليه. وانظروا إليه بعيون قلوبكم، واسمعوه بآذانها، وعوه بما وهبه الله لكم واحتج به عليكم من العقول السليمة والافهام الصحيحة ولا تكونوا كأنداكم [1] الذين يسمعون الحجج اللازمة والحكم البالغة صفحا وينظرون فيها تصفحا
[2] ويستجيدونها قولا ويعجبون بها لفظا، فهم بالموعظة لا ينتفعون ولا فيما رغبوا يرغبون ولا عما حذروا ينزجرون، فالحجة لهم لازمة والحسرة عليهم دائمة. بل خذوا ما ورد إليكم عمن فرض الله طاعته عليكم وتلقوا ما نقله الثقات عن السادات بالسمع والطاعة والانتهاء إليه والعمل به، وكونوا من التقصير مشفقين وبالعجز مقرين. واجتهدوا في طلب ما لم تعلموا، واعملوا بما تعلمون ليوافق قولكم فعلكم، فبعلومهم النجاة وبها الحياة، فقد أقام الله بهم الحجة وأقام
[3] بمكانهم المحجة وقطع بموضعهم العذر، فلم يدعوا لله طريقا إلى طاعته ولا سببا إلى مرضاته ولا سبيلا إلى جنته إلا وقد أمروا به وندبوا إليه ودلوا عليه وذكروه وعرفوه ظاهرا وباطنا وتعريضا وتصريحا، ولا تركوا ما يقود إلى معصية الله ويدني من سخطه ويقرب من عذابه إلا وقد حذروا منه ونهوا عنه وأشاروا إليه وخوفوا منه لئلا يكون للناس على الله حجة، فالسعيد من وفقه الله لاتبعاعهم والاخذ عنهم والقبول منهم والشقي من خالفهم واتخذ من دونهم وليجة
[4] وترك أمرهم رغبة عنه إذ كانوا العروة الوثقى وحبل الله الذي أمرنا رسول الله صلى الله عليه وآله بالاعتصام والتمسك به، وسفينة النجاة وولاة الامر، الذين فرض الله طاعتهم فقال: " أطيعوا الله وأطيعوا الرسول واولي الامر منكم
[5] " والصادقين الذين [1] النديد من الند وهو الضد والنظير - والمراد به ههنا الاول.
[2] في بعض النسخ [ صفحا ].
[3] كذا والظاهر: أنار.
[4] الوليجة: البطانة.
[5] النساء - 58. (*)
[ 5 ]
أمرنا بالكون معهم، فقال: " اتقوا الله وكونوا مع الصادقين [1] ". واجتهدوا في العمل بما أمروا به صغيرا كان أو كبيرا واحذروا ما حذروا قليلا كان أو كثيرا، فإنه من عمل بصغار الطاعات ارتقى إلى كبارها، ومن لم يجتنب قليل الذنوب ارتكب كثيرها. وقد روي: " اتقوا المحقرات من الذنوب وهي قول العبد: ليت لا يكون لي غير هذا الذنب
[2] ". وروي: " لا تنظر إلى الذنب وصغره ولكن انظر من تعصي به، فإنه الله العلي العظيم ". فإن الله إذا علم من عبده صحة نيته وخلوص طويته في طاعته ومحبته لمرضاته وكراهته لسخطه وفقه وأعانه وفتح له مسامع قلبه وكان كل يوم في مزيد فإن الاعمال بالنيات. وفقنا الله وإياكم لصالح الاعمال وسددنا في المقال، وأعاننا على أمر الدنيا والدين وجعلنا الله وإياكم من الذين إذا اعطوا شكروا وإذا ابتلوا صبروا وإذا أساؤوا استغفروا، وجعل ما وهبه لنا من الايمان والتوحيد له والائتمام بالائمة مستقرا غير مستودع
[3] إنه جواد كريم. [1] التوبة - 120 وفى الكافي ج 1 ص 208 عن البزنطى عن أبى الحسن الرضا عليه السلام قال: سألته عن قول الله عزوجل: " يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين " قال: هم الائمة والصديقون بطاعتهم. وقال صاحب الوافى: لعل المراد أن الصادقين صنفان صنف منهم الائمة المعصومون عليهم السلام والاخر المصدقون بأن طاعتهم مفترضة من الله تعالى.
[2] في الكافي باب استصغار الذنب ج 2 ص 287 عن زيد الشحام قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: اتقوا المحقرات من الذنوب فانها لا تغفر. قلت: وما المحقرات ؟ قال: الرجل يذنب الذنب فيقول: طوبى لى لم يكن لى غير ذلك. ويأتى أيضا في باب مواعظ أبى محمد العسكري عليه السلام من هذا الكتاب قوله عليه السلام: " من الذنوب التى لا تغفر: ليتنى لا أؤاخذ الا بهذا ".
[3] أي ايمانا مستقرا غير مستودع. (*)
[ 6 ]
بسم الله الرحمن الرحيم * (ما روى عن النبي صلى الله عليه وآله في طوال هذه المعاني) * * (وصيته لامير المؤمنين عليه السلام) * (*) يا علي إن من اليقين أن لا ترضي أحدا بسخط الله ولا تحمد أحدا بما آتاك الله ولا تذم أحدا على ما لم يؤتك الله، فإن الرزق لا يجره حرص حريص ولا تصرفه كراهة كاره، إن الله بحكمه وفضله جعل الروح والفرح في اليقين والرضا، وجعل الهم والحزن في الشك والسخط. يا علي إنه لا فقر أشد من الجهل ولا مال أعود من العقل [1] ولا وحدة أوحش من العجب ولا مظاهرة أحسن من المشاورة
[2] ولا عقل كالتدبير ولا حسب كحسن الخلق
[3] ولا عبادة كالتفكر. يا علي آفة الحديث الكذب. وآفة العلم النسيان. وآفة العبادة الفترة.
[4] وآفة السماحة المن.
[5] وآفة الشجاعة البغي وآفة الجمال الخيلاء. وآفة الحسب الفخر
[6]. يا علي عليك بالصدق ولا تخرج من فيك كذبة أبدا ولا تجترئن على خيانة أبدا، والخوف من الله كأتك تراه. وابذل مالك ونفسك دون دينك وعليك بمحاسن الاخلاق فاركبها وعليك بمساوي الاخلاق فاجتنبها. (*) رواها البرقى في كتاب الاشكال والقرائن من المحاسن ص 17 مسندا عن أبى عبد الله عن آبائه عن النبي صلى الله عليه وعليهم اجمعين وفيه [ وإن اليقين ]. وأعلم أن جميع ما روى عنه صلى الله عليه وآله في هذا الكتاب كانت موجودة في كتب الفريقين، رووها بأسانيدهم المعنعنة عن مشيخة العلم والحديث ولذلك لم نتعرض لتخريجها من كتب الاصحاب لقلة ثمرها وعدم الحاجة إليها وإنما تعرضنا لبعضها لاجل اختلافها وهذا دأبنا في جميع الكتاب. [1] الاعود: الانفع.
[2] المظاهرة: المعاونة وفى المحاسن [ أوثق من المشاورة ].
[3] زاد في المحاسن [ ولا ورع كالكف ولا حسب كحسن الخلق ].
[4] الفترة: الانكسار والضعف وأيضا الهدنة. وزاد في المحاسن [ وآفة الحسب الفخر ].
[5] زاد في المحاسن [ وآفة الظرف الصلف ]. والسماحة: الجود.
[6] زاد في المحاسن [ يا على انك لا تزال بخير ما حفظت وصيتى انت مع الحق والحق معك اه‌ ]. (*)
[ 7 ]
يا علي أحب العمل إلى الله ثلاث خصال: من أتي الله بما افترض عليه فهو من أعبد الناس. ومن ورع عن محارم الله فهو من أورع الناس. ومن قنع بما رزقه الله فهو من أغنى الناس. يا علي ثلاث من مكارم الاخلاق: تصل من قطعك. وتعطي من حرمك وتعفو عمن ظلمك. يا علي ثلاث منجيات: تكف لسانك. وتبكي على خطيئتك. ويسعك بيتك [1]. يا علي سيد الاعمال ثلاث خصال: إنصافك الناس من نفسك. ومساواة الاخ في الله. وذكر الله على كل حال. يا علي ثلاثة من حلل الله
[2]: رجل زار أخاه المؤمن في الله فهو زور الله وحق على الله أن يكرم زوره
[3] ويعطيه ما سأل. ورجل صلى ثم عقب إلى الصلاة الاخرى فهو ضيف الله وحق على الله أن يكرم ضيفه. والحاج والمعتمر فهما وفدا الله وحق على الله أن يكرم وفده. يا علي ثلاث ثوابهن في الدنيا والآخرة: الحج ينفي الفقر. والصدقة تدفع البلية وصلة الرحم تزيد في العمر. يا علي ثلاث من لم يكن فيه لم يقم له عمل: ورع يحجزه عن معاصي الله عزوجل. وعلم يرد به جهل السفيه. وعقل يداري به الناس. يا علي ثلاثة تحت ظل العرش يوم القيامة: رجل أحب لاخيه ما أحب لنفسه. ورجل بلغه أمر فلم يتقدم فيه ولم يتأخر حتى يعلم أن ذلك الامر لله رضى [1] كذا.
[2] الحلل جمع الحلة - بالضم، كقلل وقلة - وهى الثوب الساتر لجميع البدن. وفى بعض النسخ [ من خلل الله ].
[3] زوره: أي زائره وقاصده. (*)
[ 8 ]
أو سخط. ورجل لم يعب أخاه بعيب حتى يصلح ذلك العيب من نفسه، فإنه كلما أصلح من نفسه عيبا بدا له منها آخر، وكفى بالمرء في نفسه شغلا. يا علي ثلاث من أبواب البر: سخاء النفس. وطيب الكلام. والصبر على الاذى. يا علي في التوراة أربع إلى جنبهن أربع: من أصبح على الدنيا حريصا أصبح وهو على الله ساخط. ومن أصبح يشكو مصيبة نزلت به فإنما يكشو ربه. ومن أتى غنيا فتضعضع له [1] ذهب ثلثا دينه. ومن دخل النار من هذه الامة فهو ممن اتخذ آيات الله هزوا ولعبا. أربع إلى جنبهن أربع: من ملك استأثر
[2]. ومن لم يستشر يندم. كما تدين تدان. والفقر الموت الاكبر، فقيل له: الفقر من الدينار والدرهم ؟ فقال: الفقر من الدين. يا علي كل عين باكية يوم القيامة إلا ثلاث أعين: عين سهرت في سبيل الله
[3]. وعين غضت عن محارم الله. وعين فاضت من خشية الله
[4]. يا علي طوبى لصورة نظر الله إليها تبكي على ذنب لم يطلع على ذلك الذنب أحد غير الله. يا علي ثلاث موبقات وثلاث منجيات فأما الموبقات: فهو متبع. وشح مطاع
[5]. وإعجاب المرء بنفسه. وأما المنجيات فالعدل في الرضا والغضب. والقصد [1] تضعضع له: أي ذل وخضع له. وإنما ذلك إذا كان خضوعه لغناه.
[2] كذا وسقطت لفظة " يا على " من صدر الكلام. والاستيثار: الاستبداد، يقال استأثر بالشئ: استبد به وخص به نفسه.
[3] سهر كفرح أي بات ولم ينم ليلا. أي تركت النوم قدرا معتدا به زيادة عن العادة في طاعة الله كالصلاة وتلاوة القرآن والدعاء ومطالعة العلوم الدينية أو في طريق الجهاد والحج والزيارات وكل طاعة لله سبحانه.
[4] المحارم جمع محرم على بناء المصدر الميمى أي ما حرم الله النظر إليه. وعين فاضت أي سال دمعها بكثرة.
[5] الشح: البخل والحرص. (*)
[ 9 ]
في الغنى والفقر، وخوف الله في السر والعلانية كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك. يا علي ثلاث يحسن فيهن الكذب [1]: المكيدة في الحرب، وعدتك زوجتك، والاصلاح بين الناس. يا علي ثلاث يقبح فيهن الصدق: النميمة، وإخبارك الرجل عن أهله بما يكره. وتكذيبك الرجل عن الخير. يا علي أربع يذهبن ضلالا
[2]: الاكل بعد الشبع. والسراج في القمر. والزرع في الارض السبخة
[3]. والصنيعة عند غير أهلها
[4]. يا علي أربع أسرع شئ عقوبة: رجل أحسنت إليه فكافأك بالاحسان إساءة. ورجل لا تبغي عليه وهو يبغي عليك ورجل عاقدته على أمر فمن أمرك الوفاء له ومن أمره الغدر بك. ورجل تصله رحمه ويقطعها. يا علي أربع من يكن فيه كمل إسلامه: الصدق. والشكر. والحياء وحسن الخلق. يا علي قلة طلب الحوائج من الناس هو الغنى الحاضر وكثرة الحوائج إلى الناس مذلة وهو الفقر الحاضر. [1] لا يخفى أن الكذب حرام وارتكابه من المعاصي كسائر المحرمات ولا فرق في ذلك بينه وبين سائر المحرمات ولكن إذ دار الامر بينه وبين الاهم فليقدم الاهم حينئذ لان العقل مستقل بوجوب ارتكاب أقل القبيحين عند التزاحم كما إذا ال الامر بانقاذ غريق إلى ارتكاب معصية مثلا أو تزاحم الامر بينه وبين واجب أخر فليقدم الاهم منهما وقد دلت الادلة الاربعة - الكتاب والسنة والاجماع والعقل - عليها وهذا الكلام وما بعده من تلك الموارد.
[2] في بعض نسخ الحديث [ ضياعا ] والمراد منهما الاتلاف والاهمال.
[3] السبخة: أرض ذات ملح. يعلوها الملوحة ولا يكاد ينبت فيها نبات.
[4] الصنيعة: الاحسان. (*)
[ 10 ]
* (وصية اخرى) * * (إلى أمير المؤمنين عليه السلام مختصرة) * يا علي إن للمؤمن ثلاث علامات: الصيام. والصلاة. والزكاة. وإن للمتكلف من الرجال [1] ثلاث علامات: يتملق إذا شهد. ويغتاب إذا غاب. ويشمت بالمصيبة. وللظالم ثلاث علامات: يقهر من دونه بالغلبة. ومن فوقه بالمعصية. ويظاهر الظلمة
[2]. للمرائي ثلاث علامات: ينشط إذا كان عند الناس
[3]. ويكسل إذا كان وحده. ويحب أن يحمد في جميع الامور. وللمنافق ثلاث علامات: إن حدث كذب. وإن ائتمن خان وإن وعد أخلف. وللكسلان ثلاث علامات: يتوانى حتى يفرط.
[4] ويفرط حتى يضيع. ويضيع حتى يأثم. وليس ينبغي للعاقل أن يكون شاخصا إلا في ثلاث: مرمة لمعاش
[5]. أو خطوة لمعاد. أو لذة في غير محرم. يا علي إنه لا فقر أشد من الجهل. ولا مال أعود من العقل. ولا وحدة أوحش من العجب. ولا عمل كالتدبير. ولا ورع كالكف. ولا حسب كحسن الخلق، إن الكذب آفة الحديث، وآفة العلم النسيان، وآفة السماحة المن
[6]. يا علي إذا رأيت الهلال فكبر ثلاثا وقل: الحمد لله الذي خلقني وخلقك [1] المتكلف: المتصنع والمتدلس والذى هو لا يتصف بما يترائى به في نفس الامر.
[2] أي يعاونهم. والظلمة: جمع ظالم.
[3] المرائى أصله من الرياء أي المتظاهر بخلاف ما هو عليه. ونشط كسمع نشاطا - بالفتح - طابت نفسه للعمل وغيره. والكسل - محركة - التثاقل عن الشئ والفتور. وقد يكون النشاط قبل العمل وباعثا له وتارة يكون بعده وسببا لتطويله وتجويده.
[4] التفريط: التقصير والتضييع، كما أن الافراط تجاوز الحد من جانب الزيادة
[5] " شاخصا " أي ذاهبا. والمرمة مصدر من رم الشى يرمه أي أصلحه
[6] قد مضى آنفا مع اختلاف يسير. (*)
[ 11 ]
وقدرك منازل وجعلك آية للعالمين [1]. يا علي إذا نظرت في مرآة فكبر ثلاثا وقل: اللهم كما حسنت خلقي فحسن خلقي. يا علي إذا هالك أمر فقل: اللهم بحق محمد وآل محمد إلا فرجت عني. قال علي عليه السلام: قلت: يا رسول الله " فتلقى آدم من ربه كلمات " ما هذه الكلمات ؟ قال: يا علي إن الله أهبط آدم بالهند وأهبط حواء بجدة والحية بإصبهان وإبليس بميسان
[2] ولم يكن في الجنة شئ أحسن من الحية والطاووس وكان للحية قوائم كقوائم البعير، فدخل إبليس جوفها فغر آدم وخدعه فغضب الله على الحية وألقى عنها قوائمها وقال: جعلت رزقك التراب، وجعلتك تمشين على بطنك لا رحم الله من رحمك، وغضب على الطاووس، لانه كان دل إبليس على الشجرة، فمسخ منه صوته ورجليه، فمكث آدم بالهند مائة سنة، لا يرفع رأسه إلى السماء واضعا يده على رأسه يبكي على خطيئته، فبعث الله إليه جبرئيل فقال: يا آدم الرب عزوجل يقرئك السلام ويقول: يا آدم ألم أخلقك بيدي ؟ ألم أنفخ فيك من روحي ؟ ألم أسجد لك ملائكتي ؟ ألم ازوجك حواء أمتي ؟ ألم أسكنك جنتي ؟ فما هذه البكاء يا آدم ؟ [ ت‌ ] تكلم بهذه الكلمات، فإن الله قابل توبتك قل: سبحانك لا إله إلا أنت عملت سوءا وظلمت نفسي، فتب على إنك أنت التواب الرحيم. [1] الهلال: غرة القمر أو لليلتين أو إلى ثلاث أو إلى سبع قال شيخنا البهائي - قدس سره - يمتد وقت قراءة الدعاء بامتداد وقت التسمية هلالا والاولى عدم تأخيره عن الليلة الاولى عملا بالمتيقن المنفق عليه لغة وعرفا فان لم يتيسر فعن الليلة الثانية لقول اكثر اهل اللغة بالامتداد إليها فان فاتك فعن الثالثة لقول كثير منهم بانها آخر لياليه.
[2] ميسان: كورة معروفة بين البصرة وواسط والنسبة ميسانى - كما في القاموس. ولعل ذكر هذه المواضع كناية عن بعد المسافة بينها. (*)

نام کتاب : تحف العقول نویسنده : ابن شعبة الحراني    جلد : 1  صفحه : 11
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست