نِصْفَيْنِ نِصْفاً وَقَعَ عَلَى الصَّفَا وَ نِصْفاً وَقَعَ عَلَى الْمَشْعَرَيْنِ، فَأَضَاءَتْ دَاخِلَ مَكَّةَ وَ أَوْدِيَتَهَا وَ صَاحَ الْمُنَافِقُونَ: أَهْلَكَنَا مُحَمَّدٌ بِسِحْرِهِ يَا مُحَمَّدُ افْعَلْ مَا شِئْتَ فَلَنْ نُؤْمِنَ بِكَ وَ لَا بِمَا جِئْتَنَا بِهِ.
ثُمَّ رَجَعَ الْقَمَرُ إِلَى مَنْزِلِهِ مِنَ الْفَلَكِ، وَ أَصْبَحَ النَّاسُ يَلُومُ بَعْضُهُمْ بَعْضاً وَ يَقُولُونَ بِرَأْيِهِمْ: وَ اللَّهِ لَنُؤْمِنَنَّ بِمُحَمَّدٍ وَ لَنُقَاتِلَنَّكُمْ مَعَهُ مُؤْمِنِينَ فَقَدْ سَقَطَتِ الْحُجَّةُ وَ تَبَيَّنَ الْأَعْذَارُ وَ أُنْزِلَ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ سُورَةُ أَبِي لَهَبٍ وَ اتَّصَلَتْ بِهِ فَقَالَ: إِنَّ مُحَمَّداً فَعَلَ مَا قُلْتُهُ لَهُ فِي تَأْلِيفِهِ لَهُ فِي هَذَا الْكَلَامِ لِيَشْنَعَنِي بِهِ، وَ اللَّهِ إِنِّي لَأَعْلَمُ أَنَّ مُحَمَّداً يُعَادِينِي لِكُفْرِي بِهِ وَ تَكْذِيبِي لَهُ مِنْ بَيْنِ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَ خَاصَّةً لِسَبَبِ الْعَبَّاسِ فَإِنَّهُ أَنْكَرَهُ أَوْلَادُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ لِمَا أَتَتْ أُمُّهُ بِتِلْكَ الْفَاحِشَةِ وَ أَحْرَقَهَا أَبُونَا عَبْدُ الْمُطَّلِبِ عَلَى الصَّفَا وَ كَانَ أَشَدَّهُمْ لَهُ جَحْداً الْحَارِثُ وَ الزُّبَيْرُ وَ أَبُو طَالِبٍ وَ عَبْدُ اللَّهِ فَحَلَفْتُ بِاللَّاتِ وَ الْعُزَّى إِنَّهُ مِنْ أَبْنَاءِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ حَتَّى أَلْحَقْتُ الْعَبَّاسَ بِالنَّسَبِ فَمِنْ أَجْلِ ذَلِكَ أَلَّفَ هَذَا وَ يَزْعُمُ أَنَّهَا سُورَةٌ أَنْزَلَهَا اللَّهُ عَلَيْهِ، فَوَ حَقِّ اللَّاتِ وَ الْعُزَّى لَوْ أَتَى مُحَمَّدٌ بِمَا يَمْلَأُ الْأُفُقَ مِنَ الْمَدْحِ مَا آمَنْتُ بِهِ وَ لَا فِيمَا جَاءَ بِهِ وَ لَوْ عَذَّبَنِي رَبُّ الْكَعْبَةِ بِالنَّارِ.
فَآمَنَ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ سِتُّمِائَةٍ وَ اثْنَا عَشَرَ رَجُلًا وَ أَكْثَرُهُمْ أَسَرَّ إِيمَانَهُ وَ كَتَمَهُ إِلَى أَنْ جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) إِلَى الْمَدِينَةِ وَ مَاتَ أَبُو لَهَبٍ (لَعَنَهُ اللَّهُ) وَ قُتِلَ أَبُو جَهْلٍ وَ أَسَرَّ أَبُو سُفْيَانَ وَ مُعَاوِيَةُ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ وَ الْعَبَّاسُ وَ زَيْدُ بْنُ الْخَطَّابِ وَ عَقِيلُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَ أَسَرَّ كَثِيرٌ مِنْهُمْ مِقْدَارَ ثَمَانِينَ رَجُلًا تَحْتَ الْقَدَمِ فَكَانُوا طُلَقَاءَ لَمْ يَنْفَعْهُمْ إِيمَانُهُمْ وَ هُمْ لَا يُنْظَرُونَ
فكان هذا من دلائله (عليه السلام).
25- وَ عَنْهُ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الصَّادِقِ (عليه السلام) قَالَ: لَمَّا ظَهَرَتْ نُبُوَّةُ مُحَمَّدٍ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) بِمَكَّةَ عَظُمَ عَلَى قُرَيْشٍ أَمْرُهُ وَ نُزُولُ الْوَحْيِ عَلَيْهِ وَ مَا كَانَ يُخْبِرُهُمْ بِهِ قَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ:
لَيْسَ لَنَا إِلَّا قَتْلُ مُحَمَّدٍ، وَ قَالَ أَبُو سُفْيَانَ: أَنَا أَقْتُلُهُ لَكُمْ قَالُوا: وَ كَيْفَ