وَ صَلَّيْنَا عِنْدَهُ.
وَ يَرْجِعُ الْحَدِيثُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ):
وَ هَذَا سَيْفٌ مِنْ أَسْيَافِكُمْ فَأَعْطُونِيهِ حَتَّى أَجْعَلَهُ مَا شِئْتُمْ بِيَدِي فَقَالُوا: هَذَا سَيْفٌ مِنْ أَسْيَافِنَا فَقَطِّعْهُ لَنَا إِبَراً مُثَقَّبَةً إِلَى الْأَسْفَلِ بِلَا نَارٍ، فَأَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) سَيْفاً مِنْ أَسْيَافِهِمْ فَلَمْ يَزَلْ يُقَطِّعُهُ بِيَدِهِ إِبَراً مُثَقَّبَةً إِلَى الْأَسْفَلِ بِلَا نَارٍ حَتَّى أَتَى عَلَى آخِرِهِ، وَ قَالَ: أَ تُحِبُّونَ أَنْ أُقَطِّعَ لَكُمْ حَمَائِلَهُ إِبَراً؟ قَالُوا: هُوَ مِنْ أَدِيمٍ يَا مُحَمَّدُ، قَالَ يَجْعَلُهَا اللَّهُ حَدِيداً.
وَ ضَرَبَ بِيَدِهِ الْمُبَارَكَةِ إِلَى حَصًى رَضْرَاضٍ كَانَ جَالِساً عَلَيْهِ فَقَبَضَ مِنْهُ قَبْضَةً وَ قَالَ يَا حَصَى سَبِّحِ اللَّهَ بِكُلِّ لُغَةٍ فِي كَفِّي فَنَطَقَ ذَلِكَ الْحَصَى بِثَلَاثٍ وَ سَبْعِينَ لُغَةً يَثَّبَّتُهَا مَنْ عَرَفَهَا بِتَسْبِيحِ اللَّهِ وَ تَقْدِيسِهِ وَ تَمْجِيدِهِ، وَ الشَّهَادَةِ لِرَسُولِ اللَّهِ بِالرِّسَالَةِ وَ لِعَلِيٍّ بِالْإِمَامَةِ.
قَالُوا: يَا مُحَمَّدُ فَقَدْ زَعَمْتَ أَنَّ دَاوُدَ كَانَتْ تُسَبِّحُ مَعَهُ الْجِبَالُ بِالْعَشِيِّ وَ الْإِشْراقِ، وَ الطَّيْرَ مَحْشُورَةً كُلٌّ لَهُ أَوَّابٌ قَالَ النَّبِيُّ: (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ): انْظُرُوا بِأَعْيُنِكُمْ وَ اسْمَعُوا بِآذَانِكُمْ مَا ذَا تُجِيبُ الْجِبَالُ ثُمَّ صَاحَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): يَا جِبَالَ مَكَّةَ وَ مَنْ حَوْلَهَا وَ الرِّيحُ وَ التِّلَاعُ أَجِيبِينِي بِإِذْنِ اللَّهِ وَ يَا أَيُّهَا الطَّيْرُ آوِي إِلَيَّ بِإِذْنِ اللَّهِ.
قَالَ فَصَاحَتْ جِبَالُ مَكَّةَ وَ مَا حَوْلَهَا وَ الرِّيحُ وَ التِّلَاعُ، وَ كُلُّ شِعْبٍ بِمَكَّةَ لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِجَابَةً لِدَعْوَتِكَ وَ طَاعَةً لِأَمْرِكَ، وَ أَقْبَلَتِ الطُّيُورُ مِنْ كُلِّ جَانِبِ صِغَاراً وَ كِبَاراً، بَرِّيٌّ وَ بَحْرِيٌّ وَ جَبَلِيٌّ وَ سَهْلِيٌّ، حَتَّى انْفَرَشَتْ بِمَكَّةَ وَ سُطُوحَاتِهَا وَ طُرُقَاتِهَا وَ حَجَبَتِ الطَّيْرُ السَّمَاءَ بِأَجْنِحَتِهَا عَنْهُمْ.
فَقَالَ الْمُنَافِقُونَ: فَقَدْ زَعَمْتَ أَنَّ اللَّهَ أَعْطَى لِعِيسَى إِحْيَاءَ الْمَيِّتِ وَ إِبْرَاءَ الْأَكْمَهِ وَ الْأَبْرَصِ وَ أَنْ يَخْلُقَ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَيَنْفُخَ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِ اللَّهِ، وَ نَبَّأَ بَنِي إِسْرَائِيلَ بِمَا يَأْكُلُونَ وَ مَا يَدَّخِرُون فِي بُيُوتِهِمْ وَ نَحْنُ