19- وَ عَنْهُ عَنْ أَبِي الْحَوَارِيِّ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ يَزِيدَ الطَّرِيقِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ سَهْمٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ يَزِيدَ الْجُعْفِيِّ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الْبَاقِرِ (عليه السلام) قَالَ سَمِعْتُهُ يَقُولُ: لَمَّا ظَهَرَ مُحَمَّدٌ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) وَ دَعَا النَّاسَ إِلَى دِينِ اللَّهِ أَبَتْ ذَلِكَ قُرَيْشٌ وَ كَذَّبَتْهُ وَ جَمِيعُ الْعَرَبِ فَبَقِيَ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) مُسْتَجِيراً فِي الْبِلَادِ لَا يَدْرِي مَا يَصْنَعُ، وَ كَانَ يَخْرُجُ وَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمَا) فِي كُلِّ لَيْلَةٍ إِلَى الشِّعَابِ فَيُصَلِّيَانِ فِيهَا سِرّاً مِنْ قُرَيْشٍ، وَ مِنَ النَّاسِ، وَ كَانَتْ خَدِيجَةُ (عليها السلام) تَخَافُ عَلَيْهِمَا أَنْ تَقْتُلَهُمَا قُرَيْشٌ، فَجَاءَتْ إِلَى أَبِي طَالِبٍ فَقَالَتْ لَهُ: إِنِّي لَسْتُ آمَنُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ وَ عَلَى عَلِيٍّ مِنْ قُرَيْشٍ أَنْ يَقْتُلُوهُمَا، فَإِنِّي أَرَاهُمَا يَذْهَبَانِ فِي بَعْضِ تِلْكَ الشِّعَابِ يُصَلِّيَانِ فَأَتَاهُمَا أَبُو طَالِبٍ، وَ قَالَ لَهُمَا: إِنِّي أَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الْأَمْرَ سَيَكُونُ لَهُ آخِرٌ، وَ إِنَّ هَذَا الَّذِي أَنْتُمَا عَلَيْهِ لَدِينُ اللَّهِ، وَ إِنِّي أَعْلَمُ أَنَّكُمَا عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّكُمَا، فَاتَّقِيَا قُرَيْشاً، فَوَ اللَّهِ مَا أَخَافُ عَلَيْكُمَا إِلَّا مِنْ قُرَيْشٍ خَاصَّةً، وَ مَا أَنْتُمَا بِكَاذِبَيْنِ، وَ لَكِنَّ الْقَوْمَ يَحْسُدُونَكُمَا، وَ الَّذِي دَعَوْتُمَا إِلَيْهِ عَظِيمٌ عِنْدَهُمْ، وَ إِنَّمَا تُرِيدَانِ أَنْ تُقَلِّبَاهُمْ عَنْ دِينِهِمْ وَ دِينِ آبَائِهِمْ إِلَى دِينٍ لَا يَعْرِفُونَهُ وَ يَسْتَعْظِمُونَ مَا تَدْعُوَانِهِمْ إِلَيْهِ.
فَقَالَ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) لَأَمْلِكَنَّ رِقَابَهُمْ، وَ لَأَطَأَنَّ بِلَادَهُمْ بِالْخَيْلِ، وَ لَتُسْلِمَنَّ قُرَيْشٌ وَ الْعَرَبُ طَوْعاً أَوْ كَرْهاً وَ لَأَقْطَعَنَّ أَكَابِرَهُمْ جَهْراً وَ لَآخُذَنَّهُمْ بِالسَّيْفِ عَنْوَةً، وَ هَكَذَا أَخْبَرَنِي جِبْرِيلُ (عليه السلام) عَنِ اللَّهِ (عَزَّ وَ جَلَّ).
فَرَجَعَ أَبُو طَالِبٍ مِنْ تِلْكَ الشِّعَابِ مِنْ عِنْدِهِمَا وَ هُوَ مِنْ أَسَرِّ النَّاسِ بِمَا أَخْبَرَهُ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) وَ أَتَى أَبُو طَالِبٍ خَدِيجَةَ (عليها السلام) وَ أَخْبَرَهَا بِذَلِكَ فَفَرِحَتْ فَرَحاً شَدِيداً وَ سُرَّتْ بِمَا قَالَ لَهَا أَبُو طَالِبٍ، وَ عَلِمَتْ أَنَّهُمَا فِي حِفْظِ اللَّهِ (عَزَّ وَ جَلَّ)
فَكَانَ هَذَا مِنْ دَلَائِلِهِ (عليه السلام).