سَيِّدِي أَبِي مُحَمَّدٍ بُرْهَاناً تَقَرُّ بِهِ عَيْنِي فَرَأَيْتُهُ قَدِ ارْتَفَعَ نَحْوَ السَّمَاءِ حَتَّى سَدَّ الْأُفُقَ فَقُلْتُ لِأَصْحَابِي تَرَوْنَ كَمَا أَرَى فَقَالُوا وَ مَا هُوَ فَأَشَرْتُ فَإِذَا هُوَ قَدْ رَجَعَ كَهَيْئَتِهِ الْأُولَى وَ دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَقَالَ أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ ثَوَابَةَ وَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْجَمَّالُ قَدْ سَمِعْنَا مَا سَمِعْتَ مِنْ هَذِهِ الرِّوَايَاتِ وَ الدَّلَائِلِ وَ الْبَرَاهِينِ فَإِذَا صَدَقْنَا اللَّهَ فَمَا رَأَيْنَا لِأَبِي جَعْفَرٍ وَ لَا سَمِعْنَا لِجَعْفَرٍ دَلِيلًا وَ لَا بُرْهَاناً وَ لَا حَقِيقَةَ إِلَّا إِلَى أَبِي مُحَمَّدٍ بَعْدَ أَبِيهِ (عليهم السلام) وَ إِنَّا لَنَعْلَمُ أَنَّ الْمَهْدِيَّ سَمِيُّ جَدِّهِ وَ كَنِيُّهُ وَ هُوَ ابْنُ الْحَسَنِ مِنْ نَرْجِسَ وَ لَقَدْ عَرَفْنَا يَوْمَ مَوْلِدِهِ فَقُلْتُ لَهُمَا فِي أَيِّ يَوْمٍ وَ بِأَيِّ شَهْرٍ وَ بِأَيِّ سَنَةٍ فَقَالا وُلِدَ طُلُوعَ الْفَجْرِ بِيَوْمِ الْجُمُعَةِ لِثَمَانِ لَيَالٍ خَلَتْ مِنْ شَهْرِ شَعْبَانَ مِنْ سَنَةِ سَبْعٍ وَ خَمْسِينَ وَ مِائَتَيْنِ فَقُلْتُ لَهُمَا قَدْ قُلْتُمَا الْحَقَّ وَ عَلِمْتُمَا صِحَّةَ الْمَوْلُودِ فَمَنْ قَبْلَهُ قَالا لِي أَبُو مُحَمَّدٍ أَبُوهُ وَ كَفِيلُهُ حَكِيمَةُ أُخْتُ أَبِي الْحَسَنِ وَ هِيَ الْعَمَّةُ فَقُلْتُ حَقّاً فَلِمَ حَاجَجْتُمَانِي وَ أَنْتُمَا تَعْلَمَانِ أَنَّهُ بَاطِلٌ فَقَالا وَ اللَّهِ مَا هَذَا إِلَّا خُسْرَانٌ مُبِينٌ فِي الدُّنْيَا وَ الْآخِرَةِ وَ عَرَضُ الدُّنْيَا يَفْنَى وَ عَذَابُ الْآخِرَةِ يَبْقَى إِلَّا أَنْ يَعْفُوَ اللَّهُ فَقُلْتُ حَسْبُكُمْ اللَّهُ شَاهِدٌ عَلَيْكُمْ فَقَالا وَ اللَّهِ لَا يَسْمَعُ هَذَا الَّذِي سَمِعْتَهُ مِنَّا أَحَدٌ بَعْدَكَ.
قَالَ الْحُسَيْنُ بْنُ حَمْدَانَ: ثُمَّ ظَهَرْتُ عَلَيْهِمْ أَنَّهُمْ كَانُوا يَأْخُذُونَ أَمْوَالَ جَعْفَرٍ وَ الْقَرَوِيِّينَ وَ جَعْفَرٌ يَخَافُهُمْ وَ يَقُولُ فِيهِمْ إِلَّا يَلْعَنُهُمْ عِنْدَ مَنْ يَثِقُ بِهِ وَ يَقُولُ لَهُمْ إِنَّهُمْ يَأْكُلُونَ مَالِي قَالَ الْحُسَيْنُ بْنُ حَمْدَانَ حَدَّثَنِي أَبُو الْقَاسِمِ بْنُ الصَّائِغِ الْبَلْخِيِّ قَالَ خَرَجْتُ مِنْ بَغْدَادَ إِلَى الْعَسْكَرِ فِي شَهْرِ الْمُحَرَّمِ لِسَبْعِ لَيَالٍ خَلَتْ مِنْهُ فَلَمَّا كَانَ بُكْرَةُ يَوْمِ السَّبْتِ فَسَلَّمْتُ عَلَى الْمَوَالِي (عليهم السلام) وَ صِرْتُ عَلَى بَابِ جَعْفَرٍ فَإِذَا فِي الدِّهْلِيزِ دَابَّةٌ مُسْرَجَةٌ فَجَاوَزْتُ بَابَهُ وَ جَلَسْتُ عِنْدَ حَائِطِ دَارِ مُوسَى بْنِ بقاء [بغا فَخَرَجَ جَعْفَرٌ عَلَى دَابَّةٍ كُمَيْتٍ وَ عَلَيْهِ ثِيَابٌ بِيضٌ وَ رِدَاءٌ وَ عَلَيْهِ عَدَنِيَّةٌ سَوْدَاءُ طَوِيلَةٌ وَ بَيْنَ يَدَيْهِ خَادِمٌ وَ فِي يَدِهِ غَاشِيَةٌ وَ عَلَى يَمِينِهِ خَادِمٌ آخَرُ ثِيَابُهُ سُودٌ وَ عَلَى رَأْسِهِ خَادِمٌ آخَرُ وَ خَادِمٌ عَلَى بَغْلَتِهِ خَلْفَهُ فَلَمَّا رَآنِي نَظَرَ إِلَيَّ نَظَراً شَدِيداً فَمَشَيْتُ خَلْفَهُ حَتَّى بَلَغْتُ