الْأَسْوَدِ مَوْلَاهُ، وَ قَالُوا: مِنْ لُؤْلُؤٍ وَ إِنَّهُمْ أَخَذُوا الرِّضَا أَبَاهُ عِنْدَ الْمَأْمُونِ فَحَمَلُوهُ إِلَى الْقَافَةِ بِمَكَّةَ، وَ هُوَ طِفْلٌ فِي مَجْمَعٍ مِنَ النَّاسِ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَعَرَضُوهُ عَلَيْهِمْ فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيْهِ الْقَافَةُ خَرُّوا سُجَّداً، ثُمَّ قَامُوا فَقَالَ: وَيْحَكُمْ مَنْ هَذَا الْكَوْكَبُ الْعَظِيمُ الدُّرِّيُّ النُّورُ الْمُبِينُ يُعْرَضُ عَلَيَّ هَذَا وَ اللَّهِ الزَّكِيُّ النَّسَبِ الْمُهَذَّبُ الطَّاهِرُ وَ اللَّهِ مَا تَرَدَّدَ إِلَّا فِي الْأَصْلَابِ وَ الْأَرْحَامِ الطَّاهِرَةِ، وَ اللَّهِ مَا هُوَ إِلَّا مِنْ ذُرِّيَّةِ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) وَ عَلِيٍّ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ فَارْجِعُوا فَاسْتَقِيلُوا اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ وَ اسْتَغْفِرُوهُ وَ لَا تَشُكُّوا فِي نَسَبِ مِثْلِهِ، وَ تَحَمَّدَ، (عليه السلام) فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ وَ لَهُ خَمْسَةٌ وَ عِشْرُونَ شَهْراً فَنَطَقَ بِلِسَانٍ أَرْهَفَ مِنَ السَّيْفِ وَ أَفْصَحَ مِنَ الْفَصَاحَةِ يَقُولُ:
الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَنَا مِنْ نُورِهِ، وَ اصْطَفَانَا مِنْ بَرِيَّتِهِ، وَ جَعَلَنَا أُمَنَاءَهُ، عَلَى خَلْقِهِ وَ وَحْيِهِ، مَعَاشِرَ النَّاسِ أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الرِّضَا بْنِ مُوسَى الْكَاظِمِ بْنِ جَعْفَرٍ الصَّادِقِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْبَاقِرِ بْنِ عَلِيٍّ زَيْنِ الْعَابِدِينَ بْنِ الْحُسَيْنِ الشَّهِيدِ بْنِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيٍّ الْمُرْتَضَى وَ فَاطِمَةَ الزَّهْرَاءِ بِنْتِ مُحَمَّدٍ الْمُصْطَفَى (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ) وَ عَلَى أَوْلَادِي بَعْدِي، وَ أُعْرَضُ عَلَى الْقَافَةِ وَ اللَّهِ إِنِّي لَأَعْلَمُ بِأَنْسَابِ النَّاسِ مِنْ آبَائِهِمْ، وَ اللَّهِ إِنِّي لَأَعْلَمُ خَوَافِيَ سَرَائِرِهِمْ وَ ظَاهِرِهِمْ وَ إِنِّي لَأَعْلَمُ بِهِمْ أَجْمَعِينَ وَ مَا هُمْ إِلَيْهِ صَائِرُونَ أَقُولُهُ حَقّاً، وَ أُظْهِرُهُ صِدْقاً عِلْماً أَوْرَثَنَاهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ قَبْلَ الْخَلْقِ أَجْمَعِينَ، وَ بَعْدَ فَنَاءِ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضِ، وَ ايْمُ اللَّهِ لَوْ لَا تَظَاهُرُ الْبَاطِلِ عَلَيْنَا وَ غَلَبَةُ دَوْلَةِ الْكُفْرِ وَ تَوَلِّي أَهْلِ الشَّكِّ وَ الشِّرْكِ وَ الشِّقَاقِ عَلَيْنَا لَقُلْتُ قَوْلًا يَعْجَبُ مِنْهُ الْأَوَّلُونَ وَ الْآخِرُونَ، ثُمَّ وَضَعَ يَدَهُ عَلَى فَمِهِ وَ قَالَ: يَا مُحَمَّدُ اصْمُتْ كَمَا صَمَتَ آبَاؤُكَ:
فَاصْبِرْ كَما صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ، وَ لا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ ما يُوعَدُونَ إِلَى آخِرِ الْآيَةِ، ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى رَجُلٍ إِلَى جَانِبِهِ فَقَبَضَ عَلَى يَدِهِ وَ تَمَشَّى يَتَخَطَّى رِقَابَ النَّاسِ، وَ النَّاسُ يُفْرِجُونَ لَهُ فَرَأَيْتُ مَشِيخَةَ حُلَّةَ وَ هُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْهِ، وَ يَقُولُونَ: اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ، فَسَأَلْتُ عَنِ الْمَشِيخَةِ فَقِيلَ لِي: هَؤُلَاءِ قَوْمٌ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ مِنْ أَوْلَادِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ.