عِلْمٌ وَ اسْأَلِ الصَّبِيَّ فَإِنَّهُ يُفْتِيكَ فَقَامَ الْإِعْرَابِيُّ إِلَى الْحَسَنِ (عليه السلام) وَ قَلَمُهُ فِي يَدِهِ يَخُطُّ فِي الصَّحِيفَةِ وَ مُؤَدِّبُهُ يَقُولُ أَحْسَنْتَ أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ يَا حَسَنُ قَالَ الْأَعْرَابِيُّ يَا مُؤَدِّبُ يُحْسِنُ لِلصَّبِيِّ مِنْ إِحْسَانِهِ وَ مَا أَسْمَعُكَ تَقُولُ لَهُ شَيْئاً حَتَّى كَأَنَّهُ بِمُؤَدِّبِكَ قَالَ فَضَحِكَ الْقَوْمُ مِنَ الْأَعْرَابِيِّ وَ صَاحُوا بِهِ وَيْحَكَ يَا أَعْرَابِيُّ أَوْجِزْ قَالَ الْأَعْرَابِيُّ قَدْ نَبَّأْتُكَ يَا حَسَنٌ أَنِّي خَرَجْتُ مِنْ قَوْمِي حَاجّاً مُحْرِماً فَوَرَدْتُ عَلَى أُدْحِيٍّ فِيهِ بَيْضُ نَعَامٍ فَاشْتَوَيْتُهُ وَ أَكَلْتُهُ عَامك [عَامِداً هَذَا نَاسِياً قَالَ الْحَسَنُ زِدْتَ فِي الْقَوْلِ يَا أَعْرَابِيُّ قَوْلُكَ عَامِداً لَمْ يَكُنْ هَذَا عَبَثاً قَالَ الْأَعْرَابِيُّ مَا كُنْتُ نَاسِياً فَقَالَ لَهُ الْحَسَنُ- وَ هُوَ يَحُطُّ فِي صَحِيفَتِهِ- يَا أَعْرَابِيُّ خُذْ بِعَدَدِ الْبَيْضِ نُوقاً فَاحْمِلْ (أَيْ فَأَعْلِ) عَلَيْهَا فُيُقاً يَعْنِي ذَكَرَ النُّوقِ، فَإِذَا أَنْتَجَتْ مِنْ قَابِلٍ فَاجْعَلْهَا هَدْياً بالِغَ الْكَعْبَةِ كَفَّارَةً لِفِعْلِكَ، قَالَ الْأَعْرَابِيُّ:
فَدَيْتُكَ يَا حَسَنُ إِنَّ مِنَ الْإِبِلِ لَمَا يُزْلِقْنَ.
قَالَ الْحَسَنُ (عليه السلام) يَا أَعْرَابِيُّ وَ إِنَّ فِي الْبَيْضِ لَمَا يَمْرَقْنَ قَالَ الْأَعْرَابِيُّ أَنْتَ صَبِيٌّ مُحِقٌّ وَ فِي عِلْمِ اللَّهِ مَعْرُوفٌ وَ لَوْ جَازَ أَنْ يَكُونَ مَا أَقُولُ لَقُلْتُ إِنَّكَ خَلِيفَةُ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) قَالَ الْحَسَنُ (عليه السلام) مَا تَرَى قَوْماً اخْتَارُوهُ فَإِذَا أَبْغَضُوهُ عَزَلُوهُ فَكَبَّرَ الْقَوْمُ وَ عَجِبُوا لِمَا سَمِعُوا مِنَ الْحَسَنِ فَقَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عليه السلام) الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي جَعَلَ فِي ابْنِي هَذَا كَمَا جَعَلَهُ فِي دَاوُدَ وَ سُلَيْمَانَ
فكان هذا من دلائله (عليه السلام).
وَ عَنْهُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ عَنِ ابْنِ فَرْقَدٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَسَنِ العنبدي [الْعَبْدِيِّ عَنْ أَبِي هَارُونَ الْمَكْفُوفِ عَنِ الْحَارِثِ الْأَعْوَرِ الْهَمْدَانِيِّ قَالَ: لَمَّا مَضَى أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عليه السلام) جَاءَ النَّاسُ الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ (عليهما السلام) فَقَالُوا: يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ نَحْنُ السَّامِعُونَ الْمُطِيعُونَ لَكَ اومُرْنَا بِأَمْرِكَ قَالَ: كَذَبْتُمْ وَ اللَّهِ مَا وَفَيْتُمْ لِمَنْ كَانَ خَيْراً مِنِّي يَعْنِي أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ (عليه السلام) فَكَيْفَ تُوفُونَ لِي وَ كَيْفَ أَطْمَئِنُّ إِلَيْكُمْ