لِبَيْعَتِهِمُ الْخَاسِرَةِ وَ لَا يَخْرُجُ إِلَيْهِمْ مُتَشَاغِلًا بِوَصَاةِ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) وَ أَزْوَاجِهِ وَ تَأْلِيفِ الْقُرْآنِ وَ قَضَاءِ ثَمَانِينَ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَصَّاهُ بِقَضَائِهَا عَنْهُ عِدَاتٍ وَ دَيْناً فَجَمَعُوا الْحَطَبَ بِبَابِنَا وَ أَتَوْا بِالنَّارِ لِيُحْرِقُوا الْبَيْتَ فَأَخَذْتُ بِعِضَادَتَيِ الْبَابِ وَ قُلْتُ: نَاشَدْتُكُمُ اللَّهَ وَ بِأَبِي رَسُولِ اللَّهِ (عليه السلام) أَنْ تَكُفُّوا عَنَّا وَ تَنْصَرِفُوا فَأَخَذَ عُمَرُ السَّوْطَ مِنْ قُنْفُذٍ مَوْلَى أَبِي بَكْرٍ، فَضَرَبَ بِهِ عَضُدِي فَالْتَوَى السَّوْطُ عَلَى يَدِي حَتَّى صَارَ كَالدُّمْلُجِ، وَ رَكَلَ الْبَابَ بِرِجْلِهِ فَرَدَّهُ عَلَيَّ وَ أَنَا حَامِلٌ فَسَقَطْتُ لِوَجْهِي وَ النَّارُ تَسَعَّرُ، وَ صَفَقَ وَجْهِي بِيَدِهِ حَتَّى انْتَثَرَ قُرْطِي مِنْ أُذُنِي وَ جَاءَنِي الْمَخَاضُ فَأَسْقَطْتُ مُحَسِّناً قَتِيلًا بِغَيْرِ جُرْمٍ فَهَذِهِ أُمَّةٌ تُصَلِّي عَلَيَّ، وَ قَدْ تَبَرَّأَ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ مِنْهَا وَ تَبَرَّأْتُ مِنْهَا.
فَعَمِلَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ بِوَصِيَّتِهَا، وَ لَمْ يُعْلِمْ بِهَا أَحَداً وَ أَصْبَحَ النَّاسُ فِي الْبَقِيعِ لَيْلَةَ دَفْنِ فَاطِمَةَ (عليها السلام) [وَ فِيهِ أَرْبَعُونَ قَبْراً جُدُداً وَ إِنَّ الْمُسْلِمِينَ لَمَّا عَلِمُوا بِوَفَاةِ فَاطِمَةَ وَ دَفْنِهَا أَتَوْا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ (عليه السلام) يُعَزُّونَهُ بِهَا، فَقَالُوا: يَا أَخَا رَسُولِ اللَّهِ أَمَرْتَ بِتَجْهِيزِهَا وَ حَفْرِ تُرْبَتِهَا فَقَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عليه السلام) قَدْ وُورِيَتْ وَ لَحِقَتْ بِأَبِيهَا (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِمَا) فَقَالُوا: إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ تَمُوتُ بِنْتُ مُحَمَّدٍ، وَ لَمْ يُخَلِّفْ وَلَداً غَيْرَهَا وَ لَا يُصَلَّى عَلَيْهَا، إِنَّ هَذَا الشَّيْءَ عَظِيمٌ.
فَقَالَ (عليه السلام): حَسْبُكُمْ مَا جِئْتُمْ بِهِ عَلَى اللَّهِ وَ رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ وَ لَمْ أَكُنْ وَ اللَّهِ أَعْصِيهَا فِي وَصِيَّتِهَا الَّتِي وَصَّتْ بِهَا أَنْ لَا يُصَلِّيَ عَلَيْهَا أَحَدٌ مِنْكُمْ وَ مَا بَعْدَ الْعَهْدِ غَدْرٌ.
فَنَفَضَ الْقَوْمُ أَثْوَابَهُمْ وَ قَالُوا: لَا بُدَّ مِنَ الصَّلَاةِ عَلَى بِنْتِ نَبِيِّنَا وَ مَضَوْا مِنْ فَوْرِهِمْ إِلَى الْبَقِيعِ فَوَجَدُوا فِيهِ أَرْبَعِينَ قَبْراً جُدُداً، فَاسْتَشْكَلَ عَلَيْهِمْ قَبْرُهَا بَيْنَ تِلْكَ الْقُبُورِ فَضَجَّ النَّاسُ، وَ لَامَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً، وَ قَالُوا: لَمْ تَحْضُرُوا وَفَاةَ بِنْتِ نَبِيِّكُمْ وَ لَا الصَّلَاةَ عَلَيْهَا وَ لَا تَعْرِفُونَ قَبْرَهَا فَتَزُورُونَهَا.
فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: آتُوا نِسَاءَ الْمُسْلِمِينَ مَنْ يَنْشُرُ هَذِهِ الْقُبُورَ حَتَّى تَجِدُوا