حَقّاً إِنَّهُمْ بَعَثُوا يَسْتَغِيثُونِّي فَأَغَثْتُهُمْ، وَ كَانَ بَيْنَهُمْ دِمَاءٌ فَخَافُوا أَنْ يَتَفَانَوْا فَأَصْلَحْتُ بَيْنَهُمْ وَ قَرَّبْتُ بَعْضَهُمْ مِنْ بَعْضٍ
فكان هذا من دلائله (عليه السلام).
وَ عَنْهُ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ مُوسَى بْنِ زَيْدٍ الْجَلَّابِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ سَيْفِ بْنِ عَمِيرَةَ عَنْ إِسَحاقَ بْنِ عَمَّارٍ عَنْ حَمْزَةَ الثُّمَالِيِّ عَنْ مِيثَمٍ التَّمَّارِ النَّهْرَوَانِيِّ عَنِ الْأَصْبَغِ بْنِ نُبَاتَةَ الطَّائِيِّ قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عليه السلام) وَ هُوَ يُرِيدُ صِفِّينَ فَلَمَّا انْتَهَى إِلَى كَرْبَلَا وَقَفَ بِهَا وَ قَالَ: هَاهُنَا يُقْتَلُ ابْنِيَ الْحُسَيْنُ وَ ثَمَانُ رِجَالٍ مَعَهُ مِنْ أَوْلَادِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَ ثَلَاثَةٌ وَ خَمْسُونَ مِنْ أَنْصَارِهِ، ثُمَّ سَارَ مَغْرِباً وَ عَدَلَ عَنِ الْجَادَّةِ بِشَاطِئِ الْفُرَاتِ قَاصِداً فَلَمَّا تَوَسَّطْنَا الْبَرَّ وَ كَانَ يَوْمَ قَيْظٍ شَدِيدَ الْحَرِّ، وَ كَانَ الْمَاءُ فِي الْعَسْكَرِ يَسِيراً إِلَّا أَنَّا كُنَّا عَلَى جَادَّةِ الْفُرَاتِ فَلَمْ تَزَوَّدْهُ بِقَدْرِ الْمَاءِ الَّذِي كَانَ مَعَنَا وَ عَطِشَ أَهْلُ الْعَسْكَرِ حَتَّى تَقَطَّعَ النَّاسُ عَطَشاً وَ شَكَوْا إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عليه السلام) فَبَيْنَمَا نَحْنُ نَسِيرُ فَإِذَا بِقَائِمٍ مِنْ حَدِيدٍ شَاهِقٍ عَالٍ فِي رَأْسِهِ رَاهِبٌ، فَقَصَدَ إِلَيْهِ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عليه السلام) فَصَاحَ يَا رَاهِبُ هَلْ بِقُرْبِكَ مَاءٌ فَأَشْرَفَ الرَّاهِبُ مِنْ رَأْسِ الْقَائِمَةِ، فَقَالَ: وَ أَيْنَ لَنَا بِالْمَاءِ إِلَّا عَلَى حَدِّ فَرْسَخَيْنِ؟ كَيْفَ يَكُونُ الْمَاءُ فِي هَذِهِ الْقَفْرَةِ الْبَيْدَاءِ؟ فَعَدَلَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ إِلَى قَاعٍ رَضْرَاضٍ وَ حَصَى رَمْلٍ فَوَقَفَ هُنَيْهَةً ثُمَّ أَشَارَ إِلَى الْعَسْكَرِ أَنْ يَنْزِلُوا فَنَزَلَ أَكْثَرُ النَّاسِ فَقَالَ لَهُمْ: هَاهُنَا مَاءٌ فَابْحَثُوا، فَتَلَقَّوْا صَخْرَةً عَلَى عَيْنِ مَاءٍ أَبْيَضَ زُلَالٍ أَشَدَّ بَيَاضاً مِنَ اللَّبَنِ وَ أَحْلَى مِنَ الشَّهْدِ فَكَبَّرَ النَّاسُ، وَ بَحَثُوا فِي الْقَاعِ حَتَّى قَلَعُوا كُثْبَاناً مِنْ ذَلِكَ الرَّمْلِ وَ الْحَصَى وَ ظَهَرَتْ لَنَا صَخْرَةٌ بَيْضَاءُ فَقَالَ لَنَا: دُونَكُمْ إِيَّاهَا، فَاقْتَلِعُوهَا فَبَحَثْنَا عَلَيْهَا فَصَعُبَتْ وَ امْتَنَعَتْ مِنَّا فَقَالَ: ارموها [رَامُوهَا بِأَجْمَعِكُمْ فَإِنَّكُمْ لَا تَشْرَبُونَ الْمَاءَ وَ لَا تَرْوَوْنَ زُلَالًا إِنْ لَمْ تَقْلَعُوهَا، وَ كُنَّا فِي الْعَسْكَرِ سِتِّينَ أَلْفَ رَجُلٍ وَ تَبِعَ كَثِيرٌ، وَ لَمْ تَبْقَ كَفٌّ مِنَّا إِلَّا رَامَتْ قَلْعَ تِلْكَ الصَّخْرَةِ فَلَمْ نَقْدِرْ نَقْلَعُهَا، فَقُلْنَا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَدْ بَلَوْتَنَا بِهَا فَوَجَدْنَا ضَعْفَنَا فَأَدْرِكْنَا بِفَضْلِكَ عَلَيْنَا، فَدَنَا مِنْهَا وَ جَرَّدَ