عَلَيْهِ جَوَاباً فَاتَّبَعَهَا عُمَرُ بْنُ حَرِيشٍ، فَقَالَ لَهَا: يَا أَمَةَ اللَّهِ لَقَدْ سَمِعْتُ مِنْكِ الْيَوْمَ عَجَباً، سَمِعْتُ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَدْ قَالَ لَكِ كَلَاماً فَقُمْتِ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ مُنْهَزِمَةً وَ مَا رَدَدْتِ عَلَيْهِ حَرْفاً، فَأَخْبِرِينِي مَا الَّذِي قَالَ لَكِ حَتَّى لَمْ تَقْدِرِي تَرُدِّينَ عَلَيْهِ جَوَاباً؟ قَالَتْ: يَا عَبْدَ اللَّهِ لَقَدْ أَخْبَرَنِي بِمَا لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ أَحَدٌ غَيْرِي، وَ أَنَا مَا قُمْتُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ إِلَّا مَخَافَةَ أَنْ يُخْبِرَنِي بِمَا هُوَ أَعْظَمُ مِمَّا رَمَانِي بِهِ فَصَبَرْتُ عَلَى وَاحِدَةٍ كَانَتْ أَجْمَلَ مِنْ صَبْرٍ عَلَى وَاحِدَةٍ بَعْدَهَا.
قَالَ لَهَا: فَأَخْبِرِينِي مَا الَّذِي قَالَ لَكِ؟ قَالَتْ لَهُ: يَا عَبْدَ اللَّهِ إِنَّهُ قَالَ لِي مَا أَكْرَهُ ذِكْرَهُ وَ بَعْدُ فَإِنَّهُ قَبِيحٌ أَنْ يَعْلَمَ الرَّجُلُ مَا فِي النِّسَاءِ مِنَ الْعُيُوبِ، فَقَالَ: وَ اللَّهِ إِلَّا تُعَرِّفِينِي وَ لَا أَعْرِفُكِ وَ لَعَلَّكِ لَا تَرَيِنِّي وَ لَا أَرَاكِ بَعْدَ يَوْمِي هَذَا، فَلَمَّا رَأَتْهُ قَدْ أَلَحَّ عَلَيْهَا أَخْبَرَتْهُ بِمَا قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عليه السلام)، أَمَّا قَوْلُهُ لِي: يَا سَلْفَعُ، وَ اللَّهِ مَا كَذَبَ أَيْ لَا تَحِيضُ مِنْ حَيْثُ تَحِيضُ النِّسَاءُ، وَ أَمَّا قَوْلُهُ: يَا مَهْيَعُ فَإِنِّي وَ اللَّهِ امْرَأَةٌ صَاحِبَةُ نِسَاءٍ وَ مَا أَنَا صَاحِبَةُ رِجَالٍ، وَ أَمَّا قَوْلُهُ: يَا فَرْدَعُ أَيْ إِنِّي لَمُخْرِبَةٌ بَيْتَ زَوْجِي، وَ مَا أُبْقِي عَلَيْهِ شَيْئاً، فَقَالَ: وَيْحَكِ أَ وَ مَا عَلِمْتِ بِهَذَا أَنَّهُ سَاحِرٌ، وَ كَاهِنٌ وَ مَجْنُونٌ أَخْبَرَكِ بِمَا فِيكِ، وَ هَذَا عِلْمٌ كَثِيرٌ؟ فَقَالَتْ: هُوَ وَ اللَّهِ غَيْرُ مَا قُلْتَ يَا عَدُوَّ اللَّهِ إِنَّهُ لَيْسَ ذَا وَ لَكِنَّهُ مِنْ أَهْلِ بَيْتِ اللَّهِ وَ رَسُولِهِ مُحَمَّدٍ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) عَلَّمَهُ إِيَّاهُ لِأَنَّهُ حُجَّةُ اللَّهِ عَلَى خَلْقِهِ بَعْدَ النَّبِيِّ (عليهما السلام) فَكَانَتْ أَحْسَنَ قَوْلًا فِي أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ عُمَرَ بْنِ حَرِيشٍ (لَعَنَهُ اللَّهُ) وَ فَارَقَتْهُ، وَ أَقْبَلَ عُمَرُ إِلَى مَجْلِسِهِ، فَقَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عليه السلام): يَا عُمَرَ بْنَ حَرِيشٍ بِمَ اسْتَحْلَلْتَ أَنْ تَرْمِيَنِي بِمَا رَمَيْتَنِي بِهِ؟ وَ ايْمُ اللَّهِ لَقَدْ كَانَتِ الْمَرْأَةُ أَحْسَنَ قَوْلًا فِيَّ مِنْكَ وَ لَأَقِفَنَّ أَنَا وَ أَنْتَ مَوْقِفاً مِنَ اللَّهِ فَانْظُرْ كَيْفَ تَخَلَّصُ مِنَ اللَّهِ؟ فَقَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَنَا تَائِبٌ إِلَى اللَّهِ وَ إِلَيْكَ مِمَّا كَانَ فَاغْفِرْ لِي يَغْفِرُ اللَّهُ لَكَ، قَالَ: وَ اللَّهِ لَا غَفَرْتُ لَكَ هَذَا الذَّنْبَ حَتَّى أَقِفَ أَنَا وَ أَنْتَ بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ
فكان هذا من دلائله (عليه السلام).