الْإِنْجِيلِيَّةِ، فَأَقْبَلَتِ الشَّمْسُ بَعْدَ غُرُوبِهَا رَاجِعَةً لَهَا ضَجِيجٌ وَ زَجَلٌ بِالتَّسْبِيحِ وَ التَّقْدِيسِ حَتَّى صَارَتْ فِي دَرَجَةِ وَقْتِ الْعَصْرِ فَصَلَّى وَ جُوَيْرِيَةُ مَعَهُ وَ نَدِمَ أَهْلُ الْمُعَسْكَرِ فِي صَلَاتِهِمْ دُونَهُ.
قَالَ جُوَيْرِيَةُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ لَمْ أَعْلَمْ أَنَّ الشَّمْسَ تُرَدُّ لِصَلَاتِكَ، فَقَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ السَّلَامُ: لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكَ الْيَوْمَ يَا جُوَيْرِيَةُ فَقَالَ قَوْمٌ مِنَ الْعَسْكَرِ: فَقَدْ صَلَّيْنَا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فِي أَرْضِ بَابِلَ، فَقَالَ لَهُمْ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ: أَنْتُمُ الْمَغْرُورُونَ، إِذْ قُلْتُمْ مَا لَا تَعْلَمُونَ وَ اعْلَمُوا رَحِمَكُمُ اللَّهُ أَنَّ لِكُلِّ شَيْءٍ حَرَماً يَكُونُ أَرْبَعِينَ ذِرَاعاً إِلَّا مَحْرَمَ مَكَّةَ فَإِنَّهُ اثْنَا عَشَرَ مِيلًا عَلَى يَمِينِ الْكَعْبَةِ أَرْبَعَةٌ وَ ثَمَانِيَةٌ بِيَسَارِهَا، وَ كَذَلِكَ أَمَرَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) أَنْ تُبَاشِرُوا فِي الْقِبْلَةِ وَ إِذَا صَلَّيْتُمْ تَبَايَنُوا فَإِنَّكُمْ إِذَا بَاشَرْتُمْ فِي وَسَطِ الْقِبْلَةِ تَبَايَنْتُمْ خَرَجْتُمْ عَنْهَا وَ إِنَّمَا صَلَّيْتُمْ فِي حَرَمِ الْفُرَاتِ، ثُمَّ رَجَعَتِ الشَّمْسُ بِعَيْنِهَا مُنْقَضَّةً كَالْكَوْكَبِ الْمُنْقَضِّ أَوِ الشِّهَابِ الثَّاقِبِ فَلَمَّا تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ أَمَرَّ الْعَسْكَرَ إِلَى غَرْبِيِّ الْفُرَاتِ فَعَبَرُوا ثَلَاثَ سَاعَاتٍ مِنَ اللَّيْلِ وَ عَسْكَرُوا بِقَرْيَةِ سُورِ الْعَقِيقِ وَ أُمِرُوا فِي الْأَذَانِ وَ الْإِقَامَةِ فَصَلَّى بِالنَّاسِ الْعِشَائَيْنِ وَ سَارَ مِنْ لَيْلَتِهِ حَتَّى وَرَدَ الْكُوفَةَ.
وَ رُوِيَ أَنَّهُ لَمْ تُرَدَّ الشَّمْسُ لِأَحَدٍ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ تَعَالَى إِلَّا لِيُوشَعَ بْنِ نُونٍ وَصِيِّ مُوسَى (عليه السلام) وَ لِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عليه السلام) وَ كَانَ آخِرُ قِتَالِهِمْ لَهُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ إِلَى أَنْ غَرَبَتِ الشَّمْسُ وَ قَدْ ظَهَرَ عَلَى الْمُنَافِقِينَ أَصْحَابُ يُوشَعَ (عليه السلام)، وَ قَالَ قَاتِلُوهُمْ فَقَدْ غَلَبْتُمُوهُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ فَقَالُوا: لَا نُقَاتِلُ وَ قَدْ دَخَلَ السَّبْتُ فَانْفَرَدَ يُوشَعُ (عليه السلام) فَتَلَا أَسْفَاراً مِنْ صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ (عليه السلام) وَ مِنَ التَّوْرَاةِ، وَ سَأَلَ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ بِرَدِّ الشَّمْسِ عَلَيْهِمْ حَتَّى لَا يَحْتَجَّ الْمَارِقُونَ، فَقَالَ يُوشَعُ (عليه السلام): قَاتِلُوا، قَالُوا: لَا نُقَاتِلُ لِأَنَّ السَّبْتَ قَدْ دَخَلَ، قَالَ: هَذَا لَا مِنَ السَّبْتِ وَ لَا مِنَ الْجُمُعَةِ، وَ إِنَّمَا سَأَلْتُ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ رَدَّ الشَّمْسِ لِتَظْهَرُوا عَلَى أَعْدَائِكُمْ وَ لَا يَظْهَرُوا فَقَاتَلُوهُمْ فَغَلَبُوهُمْ وَ مَلَكُوهُمْ وَ غَرَبَتِ الشَّمْسُ وَ كَانَتْ صَفْرَاءُ ابْنَةُ