وَ آلِهِ) وَ جَمِيعُ النَّاسِ يَنْظُرُونَ فَلَمَّا قَضَى صَلَاتَهُ هَوَتْ إِلَى مَغْرِبِهَا كَالْبَرْقِ الْخَاطِفِ أَوْ كَالْكَوْكَبِ الْمُنْقَضِّ فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) أَنْ يَبْنِيَ فِي مَوْضِعِ صَلَاةِ الْعَصْرِ الَّتِي صَلَّاهَا أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ مَسْجِداً يُصَلَّى فِيهِ وَ يُزَارُ.
قَالَ السَّيِّدُ الْحُسَيْنُ بْنُ حَمْدَانَ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ): أَنَا رَأَيْتُ هَذَا الْمَسْجِدَ فِي غَرْبِيِّ الْمَدِينَةِ فِي أَرْضِ السَّهْلَةِ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَ سَبْعِينَ وَ مِأَتَيْنِ مِنَ الْهِجْرَةِ وَ صَلَّيْتُ بِهِ مَعَ جَمْعٍ كَثِيرٍ مِنَ النَّاسِ وَ الْمَسْجِدُ يُجَدَّدُ أَبَداً فِي كُلِّ زَمَانٍ وَ يُعْرَفُ بِمَوْضِعِ رَدَّةِ الشَّمْسِ لِعَلِيٍّ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ) وَ هُوَ مَشْهَدٌ مَعْرُوفٌ.
وَ أَمَّا الْأُولَى مِنَ الْمَرَّتَيْنِ فِي الْعِرَاقِ فَإِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ سَارَ بِعَسْكَرِهِ مِنَ النُّخَيْلَةِ مَغْرِباً حَتَّى أَتَى نَهْرَ كَرْبَلَاءَ فَمَالَ إِلَى بُقْعَةٍ يَتَضَوَّعُ مِنْهَا الْمِسْكُ وَ قَدْ جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ مُظْلِماً مُعْتَكِراً وَ مَعَهُ نَفَرٌ مِنْ أَصْحَابِهِ وَ هُمْ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ وَ الْحَارِثُ الْأَعْوَرُ الْهَمْدَانِيُّ وَ قَيْسُ بْنُ عُبَادَةَ وَ مَالِكٌ الْأَشْتَرُ وَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَسَنِ الْأَزْدِيُّ وَ هَاشِمٌ الْمُرِّيُّ، قَالَ ابْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ: فَلَمَّا وَقَفَ فِي الْبُقْعَةِ وَ تَرَجَّلَ النَّفَرُ مَعَهُ وَ صَلَّى، وَ قَالَ لَهُمْ: صَلُّوا كَمَا صَلَّيْتُ، وَ لَكُمْ عَلَيَّ عِلْمُ هَذِهِ الْبُقْعَةِ فَقَالُوا: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَ مِنَنٌ عَلَيْنَا بِمَعْرِفَتِهَا، فَقَالَ (عليه السلام) هَذِهِ وَ اللَّهِ الرَّبْوَةُ ذَاتُ قَرارٍ وَ مَعِينٍ، الَّتِي وُلِدَ فِيهَا عِيسَى (عليه السلام)، وَ فِي مَوْضِعِ الدَّالِيِّ مِنْ ضَفَّةِ الْفُرَاتِ غَسَلَتْ مَرْيَمُ، وَ اغْتَسَلَتْ وَ هِيَ الْبُقْعَةُ الْمُبَارَكَةُ الَّتِي نَادَى اللَّهُ مُوسَى مِنَ الشَّجَرَةِ، وَ هِيَ مَحَطُّ رِكَابِ مَنْ هَنَّأَ اللَّهُ بِهِ جَدَّهُ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) وَ عَزَّاهُ، فَبَكَوْا وَ قَالُوا: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ هُوَ سَيِّدُنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَيْنُ؟ قَالَ لَهُمْ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عليه السلام): اخْفِضُوا مِنْ أَصْوَاتِكُمْ فَإِنَّهُ وَ إِخْوَانَهُ فِي هَذَا السَّوَادِ وَ مَا أُحِبُّ أَنْ يَسْمَعُوا فَيَحْزَنُوا عَلَى الْحُسَيْنِ، عَلَى أَنَّ الْحُسَيْنَ قَدْ عَلِمَ وَ فَهِمَ ذَلِكَ كُلَّهُ، وَ أَخْبَرَهُ بِهِ جَدُّهُ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ).