يومئذ: " هجر رسول الله " انما هو عمر (204). ثم نسج على منواله من الحاضرين من كانوا على رأيه. وقد سمعت قول ابن عباس - في الحديث الاول [1] -: فاختلف أهل البيت فاختصموا، منهم من يقول: قربوا يكتب لكم النبي كتابا لن تضلوا بعده، ومنهم من يقول ما قال عمر (205) - أي يقول: هجر رسول الله - وفي رواية أخرجها الطبراني في الاوسط عن عمر [2] قال: لما مرض النبي قال: ائتوني بصحيفة ودواة أكتب لكم كتابا لن تضلوا بعده أبدا. فقال النسوة من وراء الستر: ألا تسمعون ما يقول رسول الله صلى الله عليه وآله ؟ قال عمر: فقلت: انكن صواحبات يوسف إذا مرض عصرتن أعينكن وإذا صح ركبتن عنقه ؟ قال: فقال رسول الله: " دعوهن فانهن خير منكم ". اه (206). وأنت ترى انهم لم يتعبدوا هنا بنصه الذي لو تعبدوا به لامنوا من الضلال وليتهم اكتفوا بعدم الامتثال ولم يردوا قوله إذ قالوا: " حسبنا كتاب الله " حتى كأنه لا يعلم بمكان كتاب الله منهم، أو أنهم أعلم منه بخواص الكتاب وفوائده. وليتهم اكتفوا بهذا كله ولم يفاجئوه بكلمتهم تلك " هجر رسول الله " وهو محتضر بينهم وأي كلمة كانت وداعا منهم له صلى الله عليه وآله وكأنهم - حيث لم (204) قول عمر ان النبي صلى الله عليه وآله ليهجر صرح به كل من: السبط بن الجوزى في كتابه تذكرة الخواص ص 62 ط الحيدرية، وأبى حامد الغزالي في كتابه سر العالمين وكشف ما في الدارين ص 21 ط النعمان. [1] الذى أخرجه البخاري عن عبيد الله بن عبدالله بن مسعود عن ابن عباس، وأخرجه مسلم أيضا وغيره (منه قدس). (205) تقدمت مصادر الحديث تحت رقمي (199 و 203) فراجع. [2] كما في ص 138 من الجزء الثالث من كنز العمال (منه قدس). (206) النساء خير من الرجال: راجع: عبدالله بن سبأ للعسكري ج 1 / 79، الطبقات الكبرى لابن سعد ج 2 / 243.