فَهَبَطَ نِصْفُ ذِرَاعٍ آخَرَ فَقَالَ لَهُمْ يَكْفِي هَذَا فَقَالُوا لَا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَقَالَ بِكَلَامٍ لَا نَعْرِفُهُ وَ ضَرَبَهُ ثَالِثَةً فَنَقَصَ ذِرَاعاً آخَرَ فَقَالَ يَكْفِي هَذَا فَقَالُوا نَعَمْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَقَالَ وَ الَّذِي فَلَقَ الْحَبَّةَ وَ بَرَأَ النَّسَمَةَ لَوْ شِئْتَ لأبنت لَكُمْ الْحِيتَانِ فِي قَرَارَهُ وَ هَذِهِ فَضِيلَةٌ لَا يَقْدِرُ عَلَيْهَا أَحَدٌ وَ نَقْلِ مِثْلُهَا عَنْ غَيْرِهِ ع.
وَ مِمَّا رُوِيَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص كَانَ يَقُولُ تَفُوحُ رَوَائِحُ الْجَنَّةِ مِنْ قَبْلَ قَرَنَ الشَّمْسُ وَا شَوْقَاهْ إِلَيْكَ يَا أُوَيْسٍ الْقَرَنِيِّ أَلَا مِنْ لَقِيَهُ فليقرئه عَنِّي السَّلَامُ فَقِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَ مِنْ أُوَيْسٍ الْقَرَنِيِّ فَقَالَ ص إِنْ غَابَ لَمْ يتفقدوه وَ إِنْ ظَهَرَ لَمْ يكترثوا لَهُ يَدْخُلُ فِي شَفَاعَتَهُ إِلَى الْجَنَّةِ مِثْلَ رَبِيعَةَ وَ مُضَرَ آمَنَ بِي وَ مَا رَآنِي وَ يُقْتَلُ بَيْنَ يَدَيِ خَلِيفَتِي أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ فِي صِفِّينَ.
قال ابن شاذان تأمل أيها الطاعن بقلبك و انظر بعينك هذه الآيات التي خصه الله بها و المعجزات التي شرف الله بها هذا الإمام و جعلها دالة عليه و هدايته إليه لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَ يَحْيى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ.
وَ مِمَّا رُوِيَ مِنْ فَضَائِلِهِ ع مِنْ حَدِيثِ الْمَقْدِسِيِّ مَا يُغْنِي سَامِعَهُ عَمَّا سِوَاهُ وَ هُوَ مَا حُكِيَ لَنَا أَنَّهُ كَانَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ وَرَدَ إِلَى مَدِينَةِ رَسُولِ اللَّهِ ص وَ هُوَ حَسَنُ الثِّيَابِ مَلِيحُ الصُّورَةِ فَزَارَ حُجْرَةَ النَّبِيِّ ص وَ قَصَدَ الْمَسْجِدَ وَ لَمْ يَزَلْ مُلَازِماً لَهُ مُشْتَغِلًا بِالْعِبَادَةِ صَائِمَ النَّهَارِ قَائِمَ اللَّيْلِ وَ ذَلِكَ فِي زَمَانِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ حَتَّى رُؤِيَ أَعْبَدَ الْخَلْقِ وَ الْخَلْقُ يَتَمَنَّوْنَ أَنْ يَكُونُوا مِثْلَهُ وَ كَانَ عُمَرُ يَأْتِي إِلَيْهِ وَ يَسْأَلُهُ حَاجَةً فَيَقُولُ الْمَقْدِسِيُّ الْحَاجَةُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى وَ لَمْ يَزَلْ عَلَى ذَلِكَ حَتَّى عَزَمَ النَّاسُ عَلَى الْحَجِّ فَجَاءَ الْمَقْدِسِيُّ إِلَى عُمَرَ وَ قَالَ لَهُ يَا أَبَا حَفْصٍ قَدْ عَزَمْتُ عَلَى الْحَجِّ وَ مَعِي وَدِيعَةٌ أُحِبُّ أَنْ تَسْتَوْدِعَهَا مِنِّي إِلَى حِينِ عَوْدِي مِنَ الْحَجِّ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ هَاتِ الْوَدِيعَةَ فَأَحْضَرَ حُقَّةً مِنْ عَاجٍ عَلَيْهَا قُفْلٌ مِنْ حَدِيدٍ مَخْتُومٌ بِخَاتَمِ الشَّابِّ فَتَسَلَّمَهُ عُمَرُ وَ خَرَجَ الشَّابُّ مَعَ الْوَفْدِ وَ خَرَجَ عُمَرُ مَعَهُ إِلَى الْوَفْدِ وَ قَالَ لِلْمُتَقَدِّمِ عَلَى الْوَفْدِ أُوصِيكَ