فَلَمَّا أَنْ أَحْسَسْتُ[1] بِالْوَقْتِ أَصْلَحْتُ رَحْلِي وَ قَدَّمْتُ رَاحِلَتِي وَ عَكَمْتُهُ[2] شَدِيداً وَ حَمَلْتُ وَ صِرْتُ فِي مَتْنِهِ وَ أَقْبَلْتُ مُجِدّاً فِي السَّيْرِ حَتَّى وَرَدْتُ الشِّعْبَ فَإِذَا أَنَا بِالْفَتَى قَائِمٌ يُنَادِي يَا أَبَا الْحَسَنِ إِلَيَّ فَمَا زِلْتُ[3] نَحْوَهُ فَلَمَّا قَرُبْتُ بَدَأَنِي بِالسَّلَامِ وَ قَالَ لِي سِرْ بِنَا يَا أَخِي فَمَا زَالَ يُحَدِّثُنِي وَ أُحَدِّثُهُ حَتَّى تَخَرَّقْنَا[4] جِبَالَ عَرَفَاتٍ وَ سِرْنَا إِلَى جِبَالِ مِنًى وَ انْفَجَرَ الْفَجْرُ الْأَوَّلُ وَ نَحْنُ قَدْ تَوَسَّطْنَا جِبَالَ الطَّائِفِ فَلَمَّا أَنْ كَانَ هُنَاكَ أَمَرَنِي بِالنُّزُولِ وَ قَالَ لِي انْزِلْ فَصَلِّ صَلَاةَ اللَّيْلِ فَصَلَّيْتُ وَ أَمَرَنِي بِالْوَتْرِ فَأَوْتَرْتُ وَ كَانَتْ فَائِدَةً مِنْهُ ثُمَّ أَمَرَنِي بِالسُّجُودِ وَ التَّعْقِيبِ ثُمَّ فَرَغَ مِنْ صَلَاتِهِ وَ رَكِبَ وَ أَمَرَنِي بِالرُّكُوبِ وَ سَارَ وَ سِرْتُ مَعَهُ حَتَّى عَلَا ذِرْوَةَ الطَّائِفِ فَقَالَ هَلْ تَرَى شَيْئاً قُلْتُ نَعَمْ أَرَى كَثِيبَ رَمْلٍ عَلَيْهِ بَيْتُ شَعْرٍ يَتَوَقَّدُ الْبَيْتُ نُوراً فَلَمَّا أَنْ رَأَيْتُهُ طَابَتْ نَفْسِي فَقَالَ لِي هُنَاكَ الْأَمَلُ وَ الرَّجَاءُ ثُمَّ قَالَ سِرْ بِنَا يَا أَخِي فَسَارَ وَ سِرْتُ بِمَسِيرِهِ إِلَى أَنِ انْحَدَرَ مِنَ الذِّرْوَةِ وَ سَارَ فِي أَسْفَلِهِ فَقَالَ انْزِلْ فَهَاهُنَا يَذِلُّ كُلُّ صَعْبٍ وَ يَخْضَعُ كُلُّ جَبَّارٍ ثُمَّ قَالَ خَلِّ عَنْ زِمَامِ النَّاقَةِ قُلْتُ فَعَلَى مَنْ أُخَلِّفُهَا فَقَالَ حَرَمُ الْقَائِمِ ع لَا يَدْخُلُهُ إِلَّا مُؤْمِنٌ وَ لَا يَخْرُجُ[5] مِنْهُ إِلَّا مُؤْمِنٌ فَخَلَّيْتُ مِنْ[6] زِمَامِ رَاحِلَتِي وَ سَارَ وَ سِرْتُ مَعَهُ إِلَى أَنْ دَنَا مِنْ بَابِ الْخِبَاءِ فَسَبَقَنِي بِالدُّخُولِ وَ أَمَرَنِي أَنْ أَقِفَ حَتَّى يَخْرُجَ إِلَيَّ ثُمَّ قَالَ لِي ادْخُلْ هَنَأَكَ السَّلَامَةُ فَدَخَلْتُ فَإِذَا أَنَا بِهِ جَالِسٌ قَدِ اتَّشَحَ بِبُرْدِهِ وَ اتَّزَرَ بِأُخْرَى وَ قَدْ كَسَرَ بُرْدَتَهُ عَلَى عَاتِقِهِ وَ هُوَ كَأُقْحُوَانَةِ أُرْجُوَانٍ قَدْ تَكَاثَفَ
[1] في البحار: حسست.
[2] الضمير راجع إلى الراحلة و الراحلة تؤنّث و تذكّر و في البحار: عكمتها.
[3] فما زلت نحوه: أي أنحو نحوه.
[4] تخرقنا: بالخاء المعجمة و الراء المشدّدة أي قطعنا.
[5] في الأصل: و لا يخرجه.
[6] في البحار: عن زمام.