يـوم الأحـزاب قـد علم الناس * شفـينا مـن قبـلكم واشتـفين
فلما بلغ معاوية شعره دعا عمرو بن العاص فقال : ما ترى في شتم الأنصار ؟ قال : أرى أن توعد ولا تشتم، ما عسى أن تقول لهم ؟ إذا أردت ذمهم ذم أبدانهم ولا تذم أحسابهم قال معاوية : إن خطيب الأنصار قيس بن سعد يقوم كل يوم خطيبا وهو والله يريد أن يفنينا غدا إن لم يحبسه عنا حابس القيل، فما الرأي ؟ قال : الرأي : التوكل والصبر .
فأرسل معاوية إلى رجال من الأنصار فعاتبهم، منهم : عقبة بن عمرو . وأبو مسعود . والبراء بن عازب . و عبد الرحمن بن أبي ليلي . وخزيمة بن ثابت . وزيد بن أرقم . وعمرو ابن عمرو . والحجاج بن غزية .
وكانوا هؤلاء يلقون في تلك الحرب فبعث معاوية بقوله : لتأتوا قيس بن سعد .
فمشوا بأجمعهم إلى قيس قالوا : إن معاوية لا يريد شتمنا فكف عن شتمه فقال : إن مثلي لا يشتم ولكني لا أكف عن حربه حتى ألقى الله .
وتحركت الخيل غدوة فظن قيس بن سعد أن فيها معاوية فحمل على رجل يشبهه فقنعه بالسيف فإذا غير معاوية، وحمل الثانية يشبهه أيضا فضربه ثم انصرف وهو يقول :
قـولوا لهذا الشاتمـي معاويه * إن كـلما أوعـدت ريح هاويه
خوفتـنا لكـلب قوم عـاويـه * إلي يا بن الخـاطئين الماضيه
ترقل إرقال العجوز الخاويه[1] * في أثر السـاري ليال الشاتيه
فقال معاوية : يا أهل الشام ؟ إذا لقيتم هذا الرجل فأخبروه بمساويه (فلما تحاجز الفريقان شتمه معاوية شتما قبيحا وشتم الأنصار) [2] فغضب النعمان ومسلمة على معاوية، فأرضاهما بعد ما هما أن ينصرفا إلى قومهما .