حـتى إذا اجـتمعـت للأكـل ثـانـية * عـلى الخـوان انثـنى طـه يفـاهيه
فقال : ما جـاء قبـلي قـومه أحـد * بمثـلها جـئت مـن نعـماء أسـديه
لكـم بها الخـير في دنـيا وآخـرة * إذا انـضويتم إلى زاهـي مغـانيه
فمـن يـوازرني منـكم فـذاك أخـي * وذاك يخـلفني فـي رعـي نـاميه
فلـم يجـد من لبـيب راح مقـتنعـا * بصـدق بعـثـته أو راح راضـيـه
وكلمـا ازداد تبـيانا لبعـثـته الزهراء * زادتـه تكـذيـبا وتـسفـيـه
وثـم بـو لهـب نـاداه : ويـلك لم * يجـئ فـتى قـومه مـا جـئتنا إيه
تبـت يـداه فـإن الجهـل تـوهـه * والكفـر فـي دركـات النار تـتويه
وكـرر المصطـفى أقـواله عـلنـا * وقـد تـوسع إنـذارا وتنبيه
فمـا رأى غـير ألبـاب محجرة * هيهات ليس يلين النصـح قاسيه
وأنفسـا عـن كتاب الله معـرضة * والكـفر قـد كان والاشراك معميه
وأحجـمت كلـها عن فيض رحمته * مـع يمـن دعـوته فالكل آبيه
إلا العلي فنـادى دونها : فـأنـا * نعـماك يا هـادي الأكـوان باغيه
نادى : أن اجـلس ثلاثا وهو يعرض دعواه * على القوم يبـغي مستجـيبـيه
حـتى إذا بات مـأيوسا ومنـزعجا * مـن الهـواشم معـي عن ترضيه
عـنها تولى إلى حـيث العلي منوها * به بين ذاك الجـمع تـنويـه
وكان ماسكـه مـن طـوق رقبته * يقـول : هـذا لهـا والله يحميه
وقـال : هـذا أخي ذا وارثي وخليفتي * عـلى أمتـي يحـمي مراعيه
وقـال : فـرض عليكم حسن طاعته * بعـدي وإمـرته ويـل لعاصيه
فـارفض جمـعهم والهزء آخـذهم * إلى الغـواية فـي أدجـى دياجيه
وهـم يقـولون : أحكام الغلام علي * يا أبا طـالب كـن من مطيعـيه
كـذاك حـيدرة ماشى النـبوة مذ * نـادى المصـطفى لبـى مناديه
وشـارك المصطفى من يوم أن وضع الأساس * حـتى انـتهت عـليا مبـانيه