نام کتاب : الغدير نویسنده : العلامة الأميني جلد : 10 صفحه : 317
وأعلم أنك من الطلقاء الذين لا تحل لهم الخلافة ، ولا تعقد معهم الإمامة ، ولا يدخلون في الشورى ، وقد بعثت إليك وإلى من قبلك جرير بن عبد الله البجلي ، وهو من أهل الإيمان والهجرة ، فبايعه ، ولا قوة إلا بالله .
قدم جرير على معاوية بكتاب علي ، فلما أبطأ عليه معاوية برأيه استحثه بالبيعة ، فقال له معاوية: يا جرير ! إن البيعة ليست بخلسة ، وإنه أمر له ما بعده ، فأبلعني ريقي ، ودعا أهل ثقته فاستشارهم ، فقال له أخوه عتبة: إستعن على هذا الأمر بعمرو بن العاص ، فإنه من قد عرفت ، فكتب معاوية إلى عمرو ، وهو بفلسطين: أما بعد: فقد كان من أمر علي وطلحة والزبير ما قد بلغك ، وقد سقط إلينا مروان بن الحكم في نفر من أهل البصرة ، وقدم علينا جرير بن عبد الله في بيعة علي ، وقد حبست نفسي عليك ، فأقدم على بركة الله ، أذاكرك أمورا لا تعدم صلاح مغبتها إن شاء الله .
فقال معاوية لجرير: إني قد رأيت رأيا ، قال جرير: هات .
قال: اكتب إلى علي أن يجعل لي الشام ومصر جباية ، فإن حضرته الوفاة لم يجعل لأحد من بعده في عنقي بيعة ، وأسلم إليه هذا الأمر ، وأكتب إليه بالخلافة . قال جرير: اكتب ما شئت .
فكتب إلى علي يسأله ذلك ، فلما أتى عليا كتاب معاوية عرف إنها خدعة منه ، وكتب إلى جرير بن عبد الله: أما بعد: فإن معاوية إنما أراد بما طلب ألا يكون لي في عنقه بيعة ، وأن يختار من أمره ما أحب ، وأراد أن يرثيك ويبطئك حتى يذوق أهل الشام ، وقد كان المغيرة بن شعبة أشار علي وأنا بالمدينة أن أستعمله على الشام ، فأبيت ذلك عليه [1] ولم يكن الله ليراني أن أتخذ المضلين عضدا ، فإن بايعك الرجل وإلا فأقبل ، والسلام [2] .
ولما فشا كتاب معاوية في العرب كتب إليه أخو عثمان لأمه الوليد بن عقبة:
معاوي إن الشام شامك فاعتصم * بشـامك ، لا تدخل عليك الأفاعي
وحـام عليها بالصوارم والقنا * ولا تـك موهون الذراعين واني
وإن عليا نـاظر ما تجـيـبه * فأهـد له حـربا تشيب النواصي