و روي نحو ذلك من عدة
طرق فكيف تقبل العقول أن النبي يقول ما لا يفعل و قد تضمن كتاب الله تعالى أَ
تَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَ تَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَ أَنْتُمْ
تَتْلُونَ الْكِتابَ أَ فَلا تَعْقِلُونَ[2]. و قال الله تعالى عمن
هو دون محمد ص من الأنبياء وَ ما أُرِيدُ أَنْ أُخالِفَكُمْ إِلى ما
أَنْهاكُمْ عَنْهُ[3]. فكيف يأمر
نبينا ص بالوصية و لو في الشيء اليسير و يتركها هو في الأمر الكبير و الجم الغفير
لا سيما و قد رووا أن الله تعالى عرفه ما يحدث في أمته من الاختلاف العظيم و سيأتي
أخبارهم ببعض ذلك في هذا الكتاب إن شاء الله تعالى ما هكذا تقتضي صفات السياسة
المرضية و عموم الرحمة الإلهية و ثبوت الشفقة المحمدية و كيف يصدق عاقل أو جاهل أن
محمدا ص يترك الأمة بأسرها كبيرها و صغيرها غنيها و فقيرها عالمها و جاهلها في
ظلمة الحيرة و الاختلاف و الإهمال و الضلال لقد أعاذه الله من هذه الحال و لقد
نسبوه إلى غير صفاته الشريفة و ما عرفوا أو عرفوا و جحدوا حقوق ذاته المعظمة المنيفة.
و من الحوادث التي حدثت
بطريق ذلك القول و بطريق يلزم الأربعة المذاهب في الإمامة بالاختيار من بعض الأمة
أن الناس لما أرادوا دفع بني هاشم عن حقوقهم و مقام نبيهم و إطراح وصايا النبي بهم
تعصب قوم لآل حرب و بني
[1] مسلم في صحيحه: 3/ 1250، و رواه مالك عن عبد
اللّه بن عمر مثله الا أن فيه بدل ثلاث ليال« ليلتين» فى الموطأ: 2/ 130.