وبالجملة ، الواجبات
الكفائيّة الّتي بحيث يجب على المكلّفين استحصالها لانتظام دينهم ودنياهم في غاية
الكثرة ، وأنّهم ربّما يهملون في التحصيل ، فيكونون مؤاخذين لتقصيرهم. نعم ، فيهم
من ليس بمقصّر ، فلا يؤاخذ.
وأمّا أنّهم ما
ذا يصنعون ، فاللازم عليهم حينئذ بذل الجهد بحسب ما يمكنهم في تحصيل الاحتياط
والعمل به ، ولا يجوز لهم غيره ، فعند تعدّد الأقوال [١] للميّتين يعمل
بما هو أحوط ، وإن لم يكن قول أحد منهم ، لا أنّه يقلّد ، إذا كان يتأتّى الاحتياط
[٢] ـ وهو الأخذ بما هو أوثق شرعا ـ وأمّا إذا لم يتأتّ الاحتياط فيه ، أو
يكون قول واحد لهم ، أو لم يطّلع إلّا على قول واحد ، فاحتياطه حينئذ منحصر في
العمل بقول الميّت بما هو أوثق عندهم ، مثل أن يكون قول المعظم ، فإنّ ما تراكم
عليه أفهام أهل الخبرة أبعد عن الخطأ ، أو يكون قول الأفقه عندهم والأعلم وغير ذلك
من أسباب الأوثقيّة. وبعد العجز فإنّه [ كما ] اختاروا ، لأنّه تعالى لا يكلّف ما
لا يطاق جزما.
هذا [٣] ، كما أنّه
إذا لم يكن هناك قول الفقيه الميّت ، بل يكون قول العامّي ، والعمل بقولهم حينئذ
ليس من باب التقليد ـ كما أنّ عمل المجتهد بقول غيره لا يكون تقليدا ـ بل من باب
الاجتهاد ، كأخذه بقول الموثّقين والجارحين ، وقول الرواة ، وقول اللغويّين ، وقول
الفقيه في بعض الأمكنة ، وغير ذلك.
وبين الاجتهاد
والتقليد والاحتياط فرق واضح.
والحمد لله ربّ
العالمين ، وصلّى الله على محمّد وآله الطاهرين.
[١] في ألف ، ج ، د
: ( فاللازم عليهم حينئذ الاحتياط بعد تعدّد الأقوال ) ، بدلا من : ( فاللازم
عليهم حينئذ بذل الجهد .. فعند تعدّد الأقوال ).
[٢] في ألف ، ج ، د
: ( يعمل بما هو أحوط ، لا أنّه يقلّد ، هذا إذا كان يتأتّى الاحتياط ) بدلا ممّا
في المتن.
[٣] العبارة : ( بما
هو أوثق عندهم .. هذا ) أثبتناها من ب ، ولم ترد في النسخ الأخرى.