نام کتاب : الرسائل التسع نویسنده : المحقق الحلي جلد : 1 صفحه : 294
وكان فاعله ناقصا. ولا يلزم من فعل الحسن لحسنه من حيث هو حسن ، لا لإحراز
نفع ، ولا لاستدفاع ضرر ، أن يكون فاعله ناقصا ، لأنّ النقص يستعمل إمّا لناقص في
ذاته أو صفاته أو شرفه أو منزلته ، وكلّ ذلك مرتفع في حقّه. ولا يفعل الحسن لحسنه
إلّا كامل في ذاته وصفته باعث حكمته على فعل ما يطابقها لا لاستفادة كمال لم يكن.
لا يقال : هذا
الفعل إن أفاد كمالا كان الفاعل ناقصا من دونه ، وإن لم يفد كمالا كان وجوده كعدمه.
لأنّا نقول : لا نسلّم أنّه لو لم يفد كمالا كان وجوده كعدمه. وهذا لأنّ الفعل قد
يطلب به الاستكمال ، وقد يبعث عليه الكمال ، فالأوّل يفيد كمالا ، والثاني يدلّ
على الكمال ، وفعل الله سبحانه من القبيل الثاني. وبالجملة فمقدمة الكمال والنقص
خطابيّة يتعلّق بها الضعيف من الأشاعرة والمتفلسفة [١٠] ، ويدلّ على
كون هذه المقدّمة خطابيّة ، لا بل شعريّة ، زوال استنكارها عند إبدال لفظها بما
يرادفه ، فإنّك لو قلت : الباري يفعل الفعل لحسنه لا ليستفيد به نفعا ولا يدفع به
ضررا لم ينكره العقل.
ثمّ ولو نزلنا
عن ذلك لم نسلّم أنّ الذات يوصف بالنقص ، وهذا لأنّ الحسن حسن لذاته ، وهو سبحانه
عالم بحسنه فإذا خلا من المفاسد فعله ، وإلّا تركه ، فهو كامل في الحالين ، لأنّ
الفعل أو الترك لازم لعلمه [١١] ، ولا يقال : بالنظر إلى ذاته لا يكون كاملا وبالنظر
إلى ذلك اللازم يكون كاملا ، لأنّا نقول وما الدليل على استحالة ذلك ، فإنّ للباري
صفات وإضافات باعتبارها يفعل الكمال ، لكن لمّا لم يكن مستفادا من غير ذاته ، ولا
متأخرا عن ذاته لم يزل كاملا ، ولم يجز وصفه بالنقص لمّا لم يكن تلك العوارض
متلقاة عن الغير.