أَبِيهِمْ فَاشْتَدَّتِ الْحَرْبُ وَ أَصَابَ النَّاسَ جَهْدٌ فَرَجَعَ أَبُوهُ وَ قَالَ لِدَاوُدَ ع احْمِلْ إِلَى إِخْوَتِكَ طَعَاماً يَتَقَوَّوْنَ بِهِ عَلَى الْعَدُوِّ فَخَرَجَ وَ الْقَوْمُ مُتَقَارِبُونَ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ قَدْ رَجَعَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ إِلَى مَرْكَزِهِ فَمَرَّ دَاوُدُ عَلَى حَجَرٍ فَقَالَ لَهُ الْحَجَرُ بِنِدَاءٍ رَفِيعٍ يَا دَاوُدُ خُذْنِي فَاقْتُلْ بِي جَالُوتَ فَإِنِّي إِنَّمَا خُلِقْتُ لِقَتْلِهِ فَأَخَذَهُ وَ وَضَعَهُ فِي مِخْلَاتِهِ[1] الَّتِي تَكُونُ فِيهَا حِجَارَتُهُ الَّتِي يَرْمِي بِهَا غَنَمَهُ فَلَمَّا دَخَلَ دَاوُدُ الْعَسْكَرَ سَمِعَهُمْ يُعَظِّمُونَ أَمْرَ جَالُوتَ فَقَالَ لَهُمْ مَا تُعَظِّمُونَ مِنْ أَمْرِهِ فَوَ اللَّهِ لَئِنْ عَايَنْتُهُ لَأَقْتُلَنَّهُ فَتَحَدَّثَ النَّاسُ بِخَبَرِهِ حَتَّى أُدْخِلَ عَلَى طَالُوتَ فَقَالَ لَهُ يَا فَتَى مَا عِنْدَكَ مِنَ الْقُوَّةِ فَقَالَ قَدْ كَانَ الْأَسَدُ يَأْخُذُ[2] الشَّاةَ مِنْ غَنَمِي فَأُدْرِكُهُ وَ آخُذُ بِرَأْسِهِ وَ أَفُكُّ لَحْيَيْهِ[3] وَ أَنْتَزِعُ شَاتِي[4] مِنْ فِيهِ.
وَ قَدْ كَانَ اللَّهُ تَعَالَى أَوْحَى إِلَى طَالُوتَ أَنَّهُ لَا يَقْتُلُ جَالُوتَ إِلَّا مَنْ لَبِسَ دِرْعَكَ فَمَلَأَهَا فَدَعَا بِدِرْعِهِ فَلَبِسَهَا دَاوُدُ ع فَاسْتَوَتْ عَلَيْهِ فَقَالَ دَاوُدُ ع أَرُونِي جَالُوتَ فَلَمَّا رَآهُ أَخَذَ الْحَجَرَ فَرَمَاهُ بِهِ فَصَكَ[5] بَيْنَ عَيْنَيْهِ فَدَمَغَهُ[6] وَ تَنَكَّسَ عَنْ دَابَّتِهِ فَتَفَرَّقَتِ الْعَسَاكِرُ الْكَافِرَةُ كَتَفَرُّقِ الْأَحْزَابِ بَعْدَ قَتْلِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ع عَمْرَو بْنَ عَبْدِ وُدٍّ الْعَامِرِيَ
[1] المخلاة: ما يجعل فيه الخلى، و هو العشب. و منه المخلاة لما يجعل فيه العلف و يعلق في عنق الدابّة.
[2]« يعدو على» ه، ط.
[3] اللحى: عظم الحنك الذي عليه الأسنان.
[4]« و آخذها» ه، ط.
[5] صكه: ضربه شديدا.
[6] دمغه: شجه حتّى بلغت الشجّة دماغه.