نام کتاب : الخرائج و الجرائح نویسنده : الراوندي، قطب الدين جلد : 2 صفحه : 878
ثم يقول لهم في الآية الأولى إنها لا تدل على ما ذكرتم لأن
معناها إن يأتكم نبأ رسل كانوا من قبلكم و كانوا يقصون دلالاتي و آياتي لأممهم و
قد أنزلت عليكم فمن عمل بأوامره و انتهى عن زواجره فلا خوف عليه و لا حزن له فحذف
المضاف و أقيم المضاف إليه مقامه كقوله تعالى وَ سْئَلِ
الْقَرْيَةَ[1] و الإيجاز في
الكلام من أعجب البراعة و فصاحة القرآن من أغرب البلاغة و من نظر في هذا الخطاب
يعلم منه ما ذكرنا و لا يتذكر إلا أولو الألباب.
و يؤيد صحة ما ذكرناه
الآية التي بعدها و هي قوله تعالى وَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَ
اسْتَكْبَرُوا عَنْها أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ[2].
و هذا وعيد لأمة محمد ص
و لا خلاف أنه للماضي دون الاستقبال و معناه فكل أمة من أمم هؤلاء الرسل كذبوهم
بسبب تلك الآيات و استكبروا عن قبول تلك المعجزات فقد صاروا أصحاب النار فإن كنتم
مثلهم و لا تقبلونها فتكونوا أيضا من أهل النار.
على أن هذا الخطاب و إن
كان على الاستقبال و المراد به الماضي على ما ذكرنا لما خصه
نَبِيُّنَا ص
بِقَوْلِهِ لَا نَبِيَّ بَعْدِي.
و تخصيص القرآن بالسنة
جائز شائع.
و فيه جواب آخر و هو أن
هذا يقال لهم يوم القيامة يا بَنِي آدَمَ إِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ رُسُلٌ
مِنْكُمْ كما قال تعالى في موضع آخر يا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَ الْإِنْسِ أَ لَمْ
يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آياتِي وَ يُنْذِرُونَكُمْ
لِقاءَ يَوْمِكُمْ هذا[3].
« جاز أن يقال: ان هذا على
حقيقته، لان المأمور نبى قادر على المعجز، فيمكن له سؤال القرية. لكن ما ذكره
العلماء أنّه على حذف المضاف مجازا، أو استعمال لفظ المضاف اليه في المضاف مجازا».