فَحَمَلَهُ صَفْوَانُ عَلَى بَعِيرِهِ وَ جَهَّزَهُ وَ أَجْرَى عَلَى عِيَالِهِ مَا يُجْرِي عَلَى عِيَالِ نَفْسِهِ وَ أَمَرَ عُمَيْرٌ بِسَيْفِهِ فَشُحِذَ وَ سُمَّ ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الْمَدِينَةِ وَ قَالَ لِصَفْوَانَ اكْتُمْ عَلَيَّ أَيَّاماً حَتَّى أَقْدِمَهَا فَلَمْ يَذْكُرْهَا صَفْوَانُ.
فَقَدِمَ عُمَيْرٌ فَنَزَلَ عَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ وَ عَقَلَ رَاحِلَتَهُ وَ أَخَذَ السَّيْفَ فَتَقَلَّدَهُ ثُمَّ عَمَدَ نَحْوَ رَسُولِ اللَّهِ ص فَلَمَّا رَآهُ النَّبِيُّ قَالَ لَهُ مَا أَقْدَمَكَ يَا عُمَيْرُ.
قَالَ قَدِمْتُ فِي أَسِيرِي عِنْدَكُمْ تُفَادُونَنَا وَ تُحْسِنُونَ إِلَيْنَا فِيهِ فَإِنَّكُمُ الْعَشِيرَةُ.
قَالَ النَّبِيُّ ص فَمَا بَالُ السَّيْفِ قَالَ قَبَّحَهَا اللَّهُ مِنْ سُيُوفٍ وَ هَلْ أَغْنَتْ مِنْ شَيْءٍ إِنَّمَا نَسِيتُهُ حِينَ نَزَلْتُ وَ هُوَ فِي رَقَبَتِي.
فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ ص فَمَا شَرَطْتَ لِصَفْوَانَ فِي الْحِجْرِ.
فَفَزِعَ عُمَيْرٌ وَ قَالَ مَا ذَا شَرَطْتُ لَهُ.
قَالَ تَحَمَّلْتَ لَهُ بِقَتْلِي عَلَى أَنْ يَقْضِيَ دَيْنَكَ وَ يَعُولَ عِيَالَكَ وَ اللَّهُ حَائِلٌ بَيْنِي وَ بَيْنَ ذَلِكَ.
قَالَ عُمَيْرٌ أَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ وَ أَنَّكَ صَادِقٌ وَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ كُنَّا يَا رَسُولَ اللَّهِ نُكَذِّبُكَ بِالْوَحْيِ وَ بِمَا يَأْتِيكَ مِنَ السَّمَاءِ وَ إِنَّ هَذَا الْحَدِيثَ كَانَ شَيْئاً بَيْنِي وَ بَيْنَ صَفْوَانَ كَمَا قُلْتَ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهِ غَيْرِي وَ غَيْرُهُ وَ قَدْ أَمَرْتُهُ أَنْ يَكْتُمَ عَلَيَّ أَيَّاماً فَأَطْلَعَكَ اللَّهُ عَلَيْهِ فَآمَنْتُ بِاللَّهِ وَ بِرَسُولِهِ وَ شَهِدْتُ أَنَّ مَا جِئْتَ بِهِ صِدْقٌ وَ حَقٌّ.
قَالَ ص عَلِّمُوا أَخَاكُمُ الْقُرْآنَ وَ أَطْلِقُوا لَهُ أَسِيرَهُ.
فَقَالَ عُمَيْرٌ إِنِّي كُنْتُ جَاهِداً عَلَى إِطْفَاءِ نُورِ اللَّهِ وَ قَدْ هَدَانِيَ اللَّهُ فَلَهُ الْحَمْدُ.
فَأْذَنْ لِي لِأَلْحَقَ قُرَيْشاً فَأَدْعُوَهُمْ إِلَى اللَّهِ وَ إِلَى الْإِسْلَامِ فَأَذِنَ لَهُ فَلَحِقَ بِمَكَّةَ.
وَ كَانَ صَفْوَانُ يَسْأَلُ عَنْ عُمَيْرٍ فَقِيلَ لَهُ إِنَّهُ أَسْلَمَ فَطَرَحَ عِيَالَهُ.
وَ قَدِمَ عُمَيْرٌ فَدَعَاهُمْ إِلَى اللَّهِ وَ أَخْبَرَهُمْ بِصِدْقِ رَسُولِ اللَّهِ ص فَأَسْلَمَ مَعَهُ نَفَرٌ كَثِيرٌ[1].
[1] أورده ابن شهرآشوب في المناقب: 1/ 113، عنه البحار: 18/ 140 ح 40.
و رواه الكازرونى في المنتقى: 113، عنه البحار: 19/ 326 ح 82.
و رواه ابن هشام في السيرة: 2/ 316، و البيهقيّ في دلائل النبوّة: 3/ 147- 149.