قلت : فالله واحد والإنسان واحد ، فليس
قد تشابهت الوحدانية؟ فقال : أحلت ثبتك الله [٢]
إنما التشبيه في المعاني فأما في الأسماء فهي واحدة [٣] وهي دلالة على المسمى [٤] وذلك أن الإنسان وإن قيل واحد فإنه
يخبر أنه جثة واحدة وليس باثنين ، والإنسان نفسه ليس بواحد ، لأن أعضاءه مختلفة ،
وألوانه مختلفة غير واحدة ، وهو أجزاء مجزأة ليس سواء [٥] دمه غير لحمه ، ولحمه غير دمه ، وعصبه
غير عروقه ، وشعره غير بشره. وسواده غير بياضه ، وكذلك سائر جميع الخلق ، فالإنسان
واحد في الاسم ، لا واحد في المعنى[٦]
والله جل جلاله واحد لا واحد غيره ، ولا اختلاف فيه ، ولا تفاوت ، ولا زيادة ، ولا
نقصان ، فأما الإنسان المخلوق المصنوع المؤلف
[١] قوله : ( فرق )
على صيغة المصدر مبتدء خبره ( بين من جسمه ـ الخ ) وقوله : ( بينه ) معادلة بين
الأولى ، ويحتمل أن يكون ماضيا من باب التفعيل أي جعل بينه تعالى وبين من جسمه ـ
الخ تفرقة ومباينة ، ويحتمل بعيدا أن يكون قوله : ( بينه ) فعلا من النبيين إذ لا
يناسب قوله : ( إذ لا يشبهه شيء ) ، وقوله : ( شيئه ) من باب التفعيل أي جعله شيئا
بالجعل البسيط أو المركب ، وفي الكافي باب معاني الأسماء ( وأنشأه ) مكان ( شيئه
).
[٣] أي إنما التشبيه
الذي ننفيه عنه تعالى في الحقائق فأما في الأسماء أي الألفاظ أو المفاهيم (
والثاني أقرب ) فالتشبيه واقع لأنها فيه تعالى وفي غيره واحدة متشابهة ولا يضر ذلك
بوحدة ذاته تعالى ، ويمكن أن يقرأ بالنصب أي إنما ننفي عنه التشبيه في المعاني وفي
البحار وفي نسخة ( ج ) ( وأما في الأسماء ).
[٤] أي والألفاظ
دلالة على المفهوم أو والمفاهيم دلالة على المصداق والحقيقة ، وشباهة الدال بشيء
لا تستلزم شباهة المدلول للمغايرة بينهما ذاتا.
[٥] قوله : ( ليس
سواء ) خبر لهو بعد خبر ، وفي الكافي وفي حاشية نسخة ( ط ) و ( ن ) ( ليست بسواء )
فصفة لا جزاء بعد صفة.
[٦] في نسخة ( ط ) و
( ن ) فالإنسان واحد بالاسم لا واحد بالمعنى.
نام کتاب : التّوحيد نویسنده : الشيخ الصدوق جلد : 1 صفحه : 62